كل يوم
القبعة ستظل مرفوعة لماجد الفطيم!!
توظيف المواطنين في القطاع الخاص قناعة قبل كل شيء، وهذه القناعة تنبع من مدى حب صاحب المال لوطنه ومجتمعه، ومدى استعداده وفق هذه المحبة، لدعم أبناء بلده وتوظيفهم ومنحهم الفرص التي تنعكس على المجتمع بشكل مباشر من دون شك.
كما أن القناعة هي الدافع لتحويل شعارات التوطين المرفوعة، إلى ممارسات واقعية داخل الشركات الخاصة، فلن أبوح بسر إن ألمحت إلى وجود رجال أعمال مواطنين يتحدثون بشكل جيد عن ضرورة التوطين، ويرفعون الشعارات في كل مناسبة ولقاء، لكن ذلك لم ينعكس أبداً داخل أسوار شركاتهم لأنهم لم يصلوا بعد إلى القناعة التي نقصدها!
في مقابل ذلك أقف اليوم لأرفع قبعة الشكر والتقدير، وأزف أجمل كلمات وعبارات الثناء، لشخصية إماراتية، ورجل أعمال وطني كبير، يبذل جهوداً ضخمة في هذا المجال وغيره من مجالات دعم المجتمع، من دون أن يشعر به أحد، لم أشاهده في حياتي متحدثاً في أي وسيلة إعلامية، ولم يشارك في أي ندوة عن «التوطين»، ولم يصرح يوماً بما يفعل، لكنه عوضاً عن ذلك فعل ما لم يفعله الكثيرون، لأنه وصل إلى القناعة الداخلية بضرورة الاعتماد على شباب الوطن في تطوير كثير من الأعمال، والأهم من ذلك ضرورة رد الجميل لهذا الوطن من خلال دعم وتوظيف أبنائه.
كثيرون يجهلون ما يقوم به رجل الأعمال ماجد الفطيم، ويشرفني هنا أن ألقي الضوء على تجربته المشرفة في هذا الجانب، فالفطيم لم يسعَ إلى التوطين الصوري أو الشكلي، وعمل بشكل مركز على استقطاب المواطنين، وتطوير إمكاناتهم، بل ومنحهم الفرصة كاملة للعمل، والوصول لأعلى المناصب في قطاعات استثماراته المختلفة، لم يبخل على المتميزين منهم بأي شيء، وحرص على خلق جو من المنافسة والحماسة بين المواطنين العاملين لديه، وكانت نتيجة ذلك أن أسدى مسؤولية جميع مراكز التسوق التي يملكها في الإمارات باسم «سيتي سنتر»، وعددها ستة مراكز، إلى شباب إماراتيين يديرونها، وهي الآن تعد من أرقى وأنجح مراكز التسوق في العالم، فهل لنا أن نستخلص دروساً من ذلك؟!
وبشكل عام فإن نسبة الموظفين الإماراتيين في مجموعة شركات ماجد الفطيم، تشكل حالياً ما نسبته 15٪، وهذا ما يؤكد وجود استراتيجية واضحة لدى هذا الرجل لاستقطاب المواطنين ومنحهم وظائف لائقة، والأهم من ذلك تطوير المسيرة المهنية لهم، ليغدوا من رواد قطاعي التجزئة والترفيه.
ماجد الفطيم لم يرفع شعارات لا يؤمن بها، بل قدم العمل وتجاهل التصريح به، ولم يوظف المواطنين نوعاً من ذرّ الرماد في العيون ليحصل من وراء ذلك على امتيازات أو تسهيلات أو «صيت» جيد، بل لأنه مؤمن بأن وجودهم أسهم في تطوير أعمال شركاته شريطة أن يؤهلوا ويحصلوا على التدريب الجيد، ومن أجل ذلك أطلق مبادرات عدة تخدم هذا الجانب في شركاته مثل مبادرة «تبادل الخبرات» التي تهدف إلى مقايضة الموظفين الإماراتيين مع نظرائهم من شركات دولية رائدة، ومبادرة «إدارة المتدربين» لتأهيل المنضمين الجدد وإعدادهم لتولي المهام، ومبادرة «برنامج تنمية القادة» الذي يهدف إلى شحذ مهارات المديرين الإماراتيين في ماجد الفطيم العقارية. عمل عظيم عجزت شركات ضخمة شبه حكومية عن أن تصل إليه، وعجز آخرون يملكون ما يملكه ماجد الفطيم وأكثر، أو أقل قليلاً، عن أن يقوموا به، والسبب هو غياب القناعة الداخلية بضرورة ردّ الجميل للوطن، فالوطن بالنسبة لهم يعني الأخذ من دون عطاء!
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .