مزاح.. ورماح
قشطة
على الرغم من أن عبارة: «القراءة أو الثقافة غذاء الروح» قد قيلت منذ عشرات السنين، إلا أن المجتمع العربي مازال يعاني «فقر دم» من هذه الناحية،لا بل وتجتاحه «أنيميا» مرعبة نتيجة عزوفه عن تلقي المعلومة المفيدة وتجاهله لقنوات المعرفة المختلفة لمصلحة تضخيم «المتعة» المفروشة في هدر الوقت.
وخير دليل على ذلك أن أصغر محلّ «شاورما» يقف على بابه زبائن يحملون أوراق الطلبات، يفوق عددهم أضعاف ما هو موجود في أضخم محاضرة ثقافية، وأن الذين يمدّون أرجلهم من تحت طاولات «الشيشة» في مقهى شعبي يوازون عدد الحضور والمنظّمين والضيوف في ملتقى علمي أُعلن عنه في خمس فضائيات وتسع إذاعات محلية وأربع صحف.
أول من أمس دعيت إلى ندوة عن الاعتداءات الصهيونية الأخيرة على المسجد الأقصى، وسبل الردّ عليها، كان عدد المتحدّثين في الندوة ثلاثة ضيوف من أصحاب الاختصاص، ومن لهم مؤلفات مهمة حول الصراع العقائدي، المفاجئ أن عدد الجمهور لهذه الندوة المهمة كان خمسة أشخاص فقط وأنا سادسهم، بينهم شخص أمضى الندوة غافياً، فيميل رأسه ذات اليمين وذات الشمال ولا يصحو أو يفتح عينيه إلا اذا صفّر «الميكروفون» أو ضرب أحد الضيوف بيده على الطاولة منفعلاً، أما الذي على يميني فكان منشغلاً طوال الوقت بـ«الواتساب» وأحياناً يضحك فتتسرّب قهقهة من تحت شاربه العريض، أما من كان يجلس منفرداً على الكرسي الأول من الصف الثاني فكان أكثرهم تركيزاً في المحاضرة، فقد لفت انتباهي اهتمامه ويقظته الدائمة على جُمل الضيوف وطرحهم، وحتى على حركات الحضور القلائل، أثار فضولي اهتمام هذا الشاب بكل من يحكي ويشرح على المنصّة، فاستدرت برأسي 180 درجة نحوه وسألته: عفواً.. ما تعرفّتش ع حضرتك، فرد بأدب وهو يلعب بميدالية فيها مفاتيح كثيرة جداً: محسوبك إبراهيم المحلاوي، حضرتك باحث ولا ناشط؟!، لا ده ولا ده، أنا الحارس المضروب على عين أمه، عايزهم يخلّصوا عشان اسكّر القاعة، أصل أنا قرفت خلاص.
عدت برأسي من جديد، وسمعت آخر الضيوف يقول، هذا وسنتعرّض للموضوع بتفصيل أكثر في ندوات قادمة إن شاء الله، لم يصفّق أحد لأنهم لم يعرفوا أن الندوة انتهت أصلاً إلا بعد أن نزل الضيوف عن درج القاعة، عندها قاموا عن كراسيهم وغادروا من دون أن يطرحوا سؤالاً واحداً أو نصف استفسار أو أن يتركوا مساحة للجدل أو الاختلاف. فكّرت طويلاً كيف سنجعل محاضراتنا تغصّ بالمهتمين والمشاركين، كيف نخلق ثقافة الجلوس والمتابعة والنقاش والسؤال، فلم أجد إلا أن نرفق مع كل أمسية ثقافية أو سياسية شيئاً جاذباً..
«قراءات في القصة القصيرة.. برفقة الراقصة قشطة».
محاضرة عن «التقارب الأميركي ـ الروسي في الأزمة السورية.. تتخللها وصلات راقصة للدلوعة مهلبية». اكشط واربح أجهزة «آي فون 5» عند حضورك ندوة «الربيع العربي هل نجح حقاً في التغيير».
اربح تذكرة مباراة برشلونة وريال مدريد المقبلة.
السحب على رقم الكرسي في محاضرة «أمراض الغدد الصماء الوقاية والعلاج».
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.