كل يوم
«أنا بخاف م الكلب.. يطلعلي أسد!!»
عندما قال عادل إمام في مسرحيته الشهيرة: «شاهد ما شفش حاجة»: «أنا بخاف م الكلب يطلعلي أسد»، كنا نضحك حتى يقع بعضنا على ظهره من شدة الضحك، لكن الحال لن تبقى كذلك لو أن أياً منا «طلعله أسد» حقيقي في طريقه، فإن الوقوع على الأرض سيكون بسبب إغماءة الخوف لا شدة الضحك، مع ملاحظة أن هذه الإغماءة ستكون آخر عهد لصاحبها بالحياة الدنيا!
مثل هذا المشهد لم يعد ضرباً من القصص الخيالية، أو مشاهد السينما، بل هو مشهد حقيقي حدث فعلاً في قرية العليا بالمنطقة الشرقية في المملكة السعودية، حيث أصابها ذعر شديد، بسبب هروب أسد من منزل صاحبه، وانطلاقه بكل حرية يتمشى في أزقة وطرق القرية، قبل أن يكتشف صاحبه هروبه ويبلغ الشرطة، وكان من الطبيعي أن تمر الدوريات، لتحذر الناس من وجود الأسد، قبل أن تتمكن من العثور عليه!
الجديد في الأمر أن هذا المشهد لم يعد خاصاً بتلك القرية السعودية، ويمكن تكراره في أي من مناطقنا السكنية بالدولة، فوسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً «إنساتغرام»، جعلتنا ندخل بيوتاً كثيرة، بمحض إرادة أصحابها طبعاً، وفوجئنا بأنها لم تعد كالسابق، فيها بعض من الحيوانات الأليفة والدواجن، وبعض من الخيول في أحسن الأحوال، فالوضع الحيواني تطور كما يتطور كل شيء في المجتمع، وتطورت تربية الحيوانات الأليفة لتتحول إلى تربية الأسود والنمور والفهود، وهناك أيضاً زواحف وتماسيح، كل ذلك في بيوت سكنية، وسط «فرجان» سكنية، والأدهى أن البعض يتجرأ بإخراجها خارج محيط مكان التربية!
هناك من يستطيع فعل ذلك، فلديه من الإمكانات ما يجعل الأمر أقل خطورة، من حيث مكان التربية وبعده عن المناطق السكنية، ومن ناحية وجود الأطباء والمختصين في عالم الحيوان بشكل دائم، بالقرب من أماكن تربية هذه الحيوانات، ولكن هناك فئات جديدة من الشباب بدأت تدخل هذا العالم من دون خبرات كافية، وفي ذلك منتهى الخطورة، فالوضع لن يكون مطمئناً بشكل دائم، خصوصاً أن الأسد يبقى حيواناً غير عاقل، ومهما حاول الإنسان تربيته فلن يتحول بطبعه إلى حيوان أليف، ومن الممكن أن يرجع فجأة إلى غريزته الحيوانية في ثوانٍ، وهذه الثواني كفيلة بإزهاق روح إنسان!
قبل أسبوعين تقريباً عرضت قناة «ناشيونال جيوغرافيك» فيلماً وثائقياً مخيفاً، ركز على هذه «الثواني» تقريباً، تلك اللحظات التي ترجع فيها الأسود إلى غريزتها الشرسة، واستعرضت ما يكفي من الأمثلة التي هاجمت فيها أسود مدربها وقطعته إرباً إرباً، ومشهداً آخر لأسود تركت اللحوم التي جلبها لها صاحبها لإطعامها وانهالت عليه تنهش «لحمه» الطازج، ومشهداً ثالثاً لأسود في سيرك عالمي، انقضت فجأة على كل من في الحلبة من مدربين، ومن يرد الاستزادة من هذه المشاهد، فما عليه إلا أن يدخل «اليوتيوب»، ويكتب «شراسة الأسود»، أو «خيانة الأسود»، وسيشاهد ما لا يتوقع!
المسألة ليست شجاعة على الإطلاق، فهي أقرب إلى رمي النفس في التهلكة، فلا شجاعة في التصوير بين الأسود، ووضع الرأس في فمها، والركوب على ظهرها، والنوم تحتها، ربما يسلم من يفعل ذلك مئات المرات، لكنه بالتأكيد لن يعرف عاقبة ذلك في لحظة رجوع الأسد لغريزته، لأن الأمر سيكون قد تأخر كثيرا!
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .