دروس وعِبر من الموسم

-- بعد انتهاء الموسم الكروي، لم تتوقف عجلة الحياة في الأندية، إذ استمر الحراك والعمل فيها، وها هي تسارع الخطوات لتسكين شواغرها من الأجهزة الفنية واللاعبين، فقد بقي من بقي ورحل من رحل، في الوقت الذي يظل فيه الأشخاص القائمون على شؤون الأندية لا يتغيرون ويستمرون في قيادة وتسيير أمور أنديتهم. لكن يبقى السؤال: إلى أي حد استفادوا وتعلموا من دروس وأخطاء هذا الموسم وما سبقه من مواسم؟ وهل استخلصوا العبر منها واستوعبوا الهفوات التي وقعوا فيها؟ وهل أدركوا ما ينفعهم وما يفيدهم من اللاعبين أو المدربين؟ الواقع يشير إلى غير ذلك، فما لمسناه في الفترة الأخيرة من تعاقدات وصفقات يؤكد أن بعض الأندية يمضي في الطريق نفسه من موسم إلى آخر، بل يكاد يكون الخطأ نسخة مكررة ومعادة في المضمون، لكنه مختلف في الشكل فقط. فأحدهم لايزال يكابر ويصر في مسألة اختيار المدرب، فعقدة الأجنبي الشهيرة مازالت راسخة في عقول أصحابه، اذ أثبتت فشلاً كبيراً وسقط قناعها، كون من حضر من المدربين طوال تلك السنين لم ينجح أحد منهم، بل كانوا هم الشماعة وعُلقت على ظهورهم أسباب الفشل، بينما كان اللاعبون هم سبب تدهور وتخبط نتائج الفريق الذي مازال يصرف ويضخ الأموال من دون طائلٍ أو عائد. فالمسألة برمتها تحتاج إلى إعادة نظر وتروٍّ في عملية الاختيار، فكم هي المرات التي ناشدنا فيها إدارات الأندية بالتمهل ومعايرة عملية التعاقد بالمعطيات المتوافرة لها، التي ستسهل عمل أولئك المدربين، خصوصاً أن منهم أسماء كبيرة في عالم التدريب، حضرت إلى هنا لكنها سجلت سقوطاً ذريعاً في دورينا. لذا نحن نتمنى أن تطبق أنديتنا مقولة «رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه» عطفاً على طموحاتها إلى المنافسة وقدراتها المالية والفنية!

-- في كثير من الأحيان تثير تصريحات بعض اللاعبين و المدربين التهكم والسخرية منها، خصوصاً عند إتمام تعاقدهم مع الأندية، إذ يظهر أحدهم ويقول إن قلبه انجذب لهذا الفريق، وآخر يصرح بأن عقله اختار ذاك الفريق، بينما في واقع الأمر يكون القلب والعقل قد حركهما المقابل المادي، وانحازا للرقم الأعلى ومن دفع لهما أكثر. فلا يمكن لأحدهم أن يترك العرض المغري من أجل عيون هذا اللون أو ذاك، فهو كلام للاستهلاك فقط، ومن باب المجاملة والنفاق الرياضي، فلا يعقل أن يضحي مدرب أو لاعب بدرهم واحد على حساب مصلحته الشخصية، إذ إننا نعلم حجم المطالب المعقولة وغير المعقولة التي يطالب فيها اللاعبون والمدربون إدارات الأندية التي تصل أحياناً إلى حد المطالبة ببدل تأخير في الحافلة أثناء التنقل بسبب المباريات، مثل ما أخبرني أحد الإداريين. فنحن لا نزاحم اللاعبين والمدربين في عقودهم ولا حتى الامتيازات التي يحصلون عليها، فهذا حقهم ومصدر رزقهم و«الله يبارك لهم»، لكن بعض التصريحات تحتاج إلى ضبط ومنطق حتى يتقبلها رجل الشارع الرياضي. ما أعنيه هنا أن يكون اللاعب أو المدرب صريحاً وواضحاً في حديثه ويقول إنه وقّع للعرض الأعلى والأفضل مادياً، أما مسألة اللعب على العواطف والمشاعر، فهذا ضحك على الذقون وكذب من الدرجة الأولى!

-- أخيراً كلام المسؤول يحتاج إلى توقف وتمعن في سطوره، فزمن الإملاءات والتسلط يكاد يكون ولى، كوننا نعيش عصر اللامركزية وديمقراطية القرار وربيع الفكر، فالمشكلة ليست في الأشخاص بقدر ما هي مرتبطة بسياسة العمل التي ظل محصول عملها محصوراً في مستطيلٍ قاحل، فالكلام هنا واضح ولم يكن فيه إبهام أو غموض، والوضع يحتاج إلى مكاشفة ومصارحة من جميع الأطراف، حتى لا يتحمل المدان حالياً وزر وخطأ الجميع، ويكون حينها المتهم الوحيد!

twitter: @yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة