مزاح.. ورماح
دراسة وكلام فارغ
إذا «انجنّ ربعك.. عقلك ما ينفعك»..
انطلاقاً من هذه المقولة، قمت صبيحة الأحد الماضي بمصادرة «فوتبول» الأولاد من بين أرجلهم، التي كنت أحضرتها لهم مكافأة على علاماتهم المرتفعة، وبِغلّ شديد نفسّت «الفوتبول» تماماً، ثم رميتها فوق «السدّة»، كما صادرت جميع اسطوانات الــdvd التي اشترتها في المناسبة نفسها، ونزعت سلك الكمبيوتر من مكانه وأدرت وجهه للحائط وقمت بتغطيته «بفانيلا» قديمة، ثم طلبت اجتماعاً عاجلاً لمجلس الأمن القومي في البيت، على أن يحضر كل منهم شهادته الدراسية لمناقشة المواد ودرجة التحصيل وتحليل سبب الارتفاع والإخفاق.
وبدأت بمخاطبة الولد الأكبر: (99 بالرياضيات) مفكّر حالك اينشتاين؟ أي آلة حاسبة تستطيع أن تجمع وتطرح وتقسم وتخرج الجذر والنسبة المئوية في ثوانٍ، أقصد ما تعلّمته بسنة الآلة الحاسبة تحسبه في دقيقة، ثم ماذا ستصبح لو أبدعت في الرياضيات؟ محاسب في شركة! معلم مدرسة! كاشير في سوبرماركت! انس الرياضيات، (98 بالإنجليزي) اسمع «وله» لا يوجد سوى شكسبير واحد في الدنيا، ثم إن سكّان العالم كله يتكلمون الإنجليزية، ماذا ستضيف للبشرية ولنفسك؟ لا شيء.. انس الانجليزية.. وانس العربي.. والعلوم.. والجغرافيا.. والتاريخ.. باختصار سيبك من الدراسة والكلام الفارغ، وركّز على الفن، نعم الفن! لماذا تنظر إلي بعينين جاحظتين مثل عيني «الضفدع كامل»: تعال شوف الخبر الرئيس في الــ«CNN»، اقرأ! ماذا مكتوب؟ «محمد عسّاف.. محبوب العرب»..الـ «bbc» «فوز محمد عساف بعرب آيدول»، «العربية نت» الخبر الأكثر قراءة «الفلسطيني محمد عساف يحسم لقب عرب آيدول»، «الجزيرة، سكاي نيوز، روسيا اليوم، الباكستان مبارح، كل الوكالات والمحطات وقنوات الــ fm.. والصحف الورقية والمواقع تتكلم عن محمد عساف، «شفت ولك»! شاب صغير مواليد 89 في ثلاثة أشهر فقط صار كل العالم العربي يعرفه، وأنا منذ 12 سنة في الصحافة والكتابة لا يعرفني سوى أمّك وجارنا صاحب المخبز وعجايز الحارة، لذلك «سيبك من المواد العلمية والأدبية» وكثّف من اليوم فصاعداً من دراستك للمقامات الموسيقية والتخت الشرقي، مجرّد أن تصحو من فراشك أطلق «أوووف» عالية، افزع دجاج وخراف الجيران منها، ثم اتبعها بـ«يا عيني يا عين»، ولا بأس أن تختم السهرة بـ«يا ليل»، دهّن حنجرتك بزيت زيتون ونام، وفي اليوم التالي «امعط» تمرينات على مقام «رست» و«نهاوند» و«نوا أثر».. و«اشلخ» ما شئت من «بياتي وكرد وحجاز وصبا»، وعندما تشعر بالملل، تدرب على «سيكاه..وعجم» «إجباري أريدك أن تصبح مطرباً»، فهي طريق الرفعة، والشهرة والمال والنجاح وتحرير المقدّسات العربية والإسلامية!
ثم نظرت الى أخيه الأصغر بشزرٍ وقلت له: وأنت منذ اللحظة عليك أن تتدرّب على «كرة القدم»، أريد أن أنام على صوت «طبطبة» وأصحو على صوت «طبطبة» فهمت؟ ماذا ينقصك.. أصلاً وجهك يشبه إلى حدّ كبير وجه «ريفالدو»، حتى خشمك يشبه خشم «بالوتيلي»، كل ما ينقصك قليل من المهارات وستتقاتل عليك الأندية الغربية بعقود احترافية.
باختصار من اليوم وطالع أنا ما عندي أولاد «يدرسوا» مفهوم؟!
وإن شاء الله بشوف واحد «ماسك كتاب»!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.