الوظيفة: «مغازلجي»

دأبت بعض الصحف في الخليج على نشر صور من يقومون بمعاكسة النساء في الأماكن العامة تطبيقاً لعقوبة التعزير، حيث توضع صورة الشاب والخجل يقطر من عينيه، في صفحة المحليات جنباً إلى جنب مع خبر افتتاح مؤسسة، أو توسعة طريق، أو إنشاء جسر، حيث كان يكتب فوق صورة الشاب «المغازلجي»، «ضبط معاكس»، ثم يأتي متن الخبر: «ضبط فلان الفلاني أمس، السبت في مول كذا، يعاكس النساء، وهذا السلوك غريب على مجتمعنا المحافظ، داعين الشباب إلى الالتزام والابتعاد عن التصرفات التي تخالف قيمنا وشرعنا»، طبعاً عقوبة «التعزير» عقوبة مهمّة جداً ورادعة، لكن كان لي ملاحظة كلما رأيت صور «ضبط معاكس»، أن طريقة تصويره في مراكز الشرطة، تشبه تماماً طريقة تصوير القبض على تاجر مخدرات، أو مزوّر جوازات السفر، أو ضبط قطع آثار مهرّبة، مع أن جرمه لا يرتقي إلى المخدرات أو تهريب الآثار، أو التزوير، كل ما قام الشاب به أنه عبّر عن إعجابة بجرعة «وقاحة» زائدة فقط لا غير.

«المغازلة» كانت لفترة قريبة «مهنة من لا مهنة له»، فكلما تمشّيت في سوق تجارية أو «مول» أو مدينة ترفيهية، وسمعت صوتاً نسائياً حاداً يشتم، ويتبع شتيمته بــ«تفووو»، كنت ألتفت مباشرة إلى الدرج الكهربائي أو مخرج الطوارئ، فإنني حتماً سأرى أحدهم ينزل عن الدرج الكهربائي ركضاً، هروباً من العقوبة أو إفلاتاً من أنظار الناس.

على أية حال ما سبق «من تعزير» وشتيمة وركض من المخارج السرية قد لا يكون له أي مكان في المستقبل القريب، فقد ألّفت فتاتان أميركيتان كتاباً يساعد على المغازلة، واختيار الجمل مع الشخص الذي تتوقع أن يكون شريك حياتك، يعني هذا الكتاب سيساعد في مرحلة الخطوبة أو التعارف الأولى «بدلاً من أن تمضي ثلاثة أرباع الجلسة.. شلونك؟ شو أخبارك؟ الجو حار صح؟ المكان جميل صح؟ شلون الوالدة؟ قرّب رمضان؟ فهذا الكتاب يرشدك لتقول كلاماً مفيداً في حالة التعارف أو الحب، وإذا بدأت القصة بكتاب فربما تنتهي بورش تدريب على الغزل، وقد لا يصبح مستغرباً هذا الإعلان في السنوات المقبلة: مطلوب مغازلجي متفرّغ، للعمل في مركز تدريب «غزل ومعاكسة إنترناشونال»، خبرة في غزل المولات، الكوفي شوبات، حاصل على بورد الغزل الجامعي، لديه القدرة على المغازلة على الهاتف و«الواتس آب»، الراتب بعد المقابلة، على من يجد في نفسه الكفاءة يرجى إرسال السيرة الذاتية وصورة حديثة على الإيميل التالي.

في العموم الفكرة جيدة، أن تصبح هناك كتب ومراكز تدريب في تعليم الغزل، خصوصاً للمتزوّجين من مضى على زواجهم أربع سنوات فما أكثر، لعمل «ريفرش» للكلام الحلو، الذي نفدت ذخيرته تماماً من لسان الزوجين.

نكتة في السياق: زار أحدهم صديقه في البيت، ففوجئ بالكلام الحلو الذي يغدق به صاحب البيت على زوجته، بالله «حبيبتي» كأس عصير للضيف، «حياتي» حطي على قناة mbc، لو تعملي لنا فنجان قهوة يا «عمري»، بعد أن التهت الزوجة في المطبخ، سأل الضيف مضيّفه، شو هالحب يا رجل الله يهنيكم! فقال صاحب البيت: «اششش وطي صوتك، لا حب ولا ما يحزنون، أنا بناديها (حبيبتي) لأني أصلاً ناسي اسمها».

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

الأكثر مشاركة