مزاح.. ورماح
«حق الليلة»
على الرغم من وجود روزنامات تحدد لك التاريخ واليوم لـ100 سنة مقبلة، وعلى الرغم من أحاديث الصحافة، والحسابات الفلكية، وتوقعات المختصين التي تنشرها الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية، إلا أن المواطن العربي لايزال يفاجأ بقدوم رمضان، كما تفاجأ وزارة التربية والتعليم بقدوم الموسم الدراسي، فتجده يقوم بالتحضير المحموم ليوم الصيام الأول، وصوت عجلات العربات في مراكز التسوق لا يتوقف بين الممرات، في محاولة لتفريغ الرفوف من المعلبات والمرطبات والمقبلات والمشهّيات والحلويات والمنظفات، وكل شيء ينتهي بالألف والتاء، كما أن صوت «تزمير» ماكنة المحاسبة على «الكاشير» لا تهدأ ولا تنقطع، تماماً كصوت أجهزة تخطيط القلب.
الشوارع مزدحمة، المطارات تشهد نزوحاً، المصاعد عالقة في الطوابق العليا، وصبيان البقالات يمارسون جولاتهم المكوكّية بين الشقق والطوابق لإيصال ما يلزم ولا يلزم إيصاله، قبل أن تضبط دائرة الإفتاء الهلال متلبساً بالظهور، ترى كل هذا التموين الغذائي المرعب لأننا ننوي الصوم؟ طيب ماذا نفعل لو نوينا الإفطار؟
**
أثناء إقامتي في الإمارات تعرّفت إلى عادة جميلة جداً تدعى «حق الليلة»، هذه العادة تبقي على خيط المحبّة موصولاً بين الجيران، حتى لو رفلت العلاقة بينهم في ثوب الجفاء، يطوف الأطفال بين البيوت يطلبون «حق الليلة»، فينهال الجيران عليهم بإعطائهم «كمشات» من شتى أصناف الحلوى، وذلك لإدخال الفرح في قلوبهم بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك.
تذكّرت هذه العادة الجميلة وأنا أقرأ وجه العالم العربي «المخبوط» بالمؤامرات والقلاقل والتظاهرات والفوضى والقتل والجروح، ماذا لو كان هناك «حقّ ليلة سياسية»، يطوف فيها سياسيو العالم العربي على الدول الكبرى، يطرقون أبوابها قبيل رمضان، لا لــ«يحلّونا»، وإنما لكي «يحّلوا» عنّا ويتركونا في شأننا، نعيش بسلام مثل بقية يابسة الكرة الأرضية..
أرجوكم نريد «حق الليلة».. حفنة سلام و«كمشة» محبّة..
فقط نريد أن نعيش.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.