سر الخلطة!

تقول «الأسطورة الحديثة» إن صائغاً عجيباً كان يعيش في مدينة وحيداً بعيداً، لا يسمع عنه الكثيرون ولا يعرف أحد قدراته ومهاراته، حتى جاء يوم ودُفع إليه بقطع من الذهب والفضة الخام التي لم تتشكل بعد، بل وبعض الاحجار، فما إن أمسكها بيديه ووضعها بجوار بعضها ثم نظر فيها ونفخ فيها حتى تحولت هذه القطع وتشكلت بأشكال عجيبة، وأضحت لوحات مبهرة، مضيئة، ليست إضاءة عود ثقاب سرعان ما ينطفئ بل إضاءة ملتمعة بهيجة تسر الناظرين، هذه الاسطورة ليست مأخوذة من كتاب السحر بل من كتاب الواقع، فأما الصائغ فهو مهدي علي مدرب منتخبنا الوطني الاول لكرة القدم، وأما هذه القطع الخام من الذهب والفضة والاحجار التي تحولت على يديه الى لوحات بديعة فهي لاعبو منتخبنا الوطني لكرة القدم الذين لايزالون يبهروننا ليس بانتصاراتهم المتتالية في كل مشاركة ودية كانت أو رسمية ولا بإنجازاتهم البارزة فقط، بل بعروضهم الفنية ومستواهم المتطور أيضاً.

الأهم في كل هذا وما يلفت النظر هو قدرة مهدي على تشكيل لاعبي المنتخب واستخراج أفضل ما في كل لاعب، ولنا في عمر عبدالرحمن وعلي مبخوت وأحمد خليل مثلاً، فكل منهم لم يظهر بالمستوى اللائق منذ فترة ورأينا جميعاً عمر عبدالرحمن في لقاء السوبر ظلاً، وما إن استلمه مهدي حتى فاز بلقب أحسن لاعب في مباراتي الفريق ثم أحسن لاعب في بطولة OSN ككل، وعلي مبخوت الذي حير ناديه ومدربيه منذ الموسم الماضي، وما إن تواجد في المنتخب حتى رأينا علي مبخوت آخر، ثم احمد خليل الذي كان حبيس مقاعد الاحتياط مع كيكي فإذا به أحمد خليل الهداف، وهنا تبرز قدرة الصائغ ومهارته في استنفار واستخراج أجمل ما في العناصر التي معه، وهو ما يحيلنا الى قضية المدرب الوطني والروح التي يبثها أو الفهم الكامل لقدرات ونفوس ومهارات لاعبيه، وهو ما ينجح فيه مهدي أيما نجاح كل مرة وبشكل دائم ثابت، وليس على صعيد الصدفة أو الحظ السعيد، حتى اصبح الآن أسطورة، يكفي ان نقول إن مهدي منذ أن تولى مهمة المنتخب في أغسطس 2012 لم يخسر اي مباراة رسمية واحدة حتى الآن، وما من بطولة دخلها الى عاد بكأسها.

أول من أمس أحرزت الامارات لقب بطولة OSN الودية التي جرت في السعودية بعد الفوز على نيوزيلندا بهدفين، وأحرز أحمد خليل الهدف الأول، مستفيداً من تمريرة علي مبخوت الذي أضاف الهدف الثاني، ومن قبل اجتاز المنتخب ترينيداد وتوباغو الذي اكتسح المنتخب السعودي صاحب الأرض والضيافة 3-1.

هذا الاداء وهذا العمل يقدمه مهدي مع هذه الكوكبة المختارة من اللاعبين الذين يعمل معهم منذ سنوات حين بدأ بهم في منتخب الشباب ثم الأولمبي فالمنتخب الاول، وهو مؤمن بقدراتهم وامكاناتهم ويعمل بجد واجتهاد وإخلاص تغلفه موهبة حقيقية لكي يقدم لكرة الإمارات النجاح تلو النجاح.

لا أريد ان أبالغ في فرحة فوزنا ببطولة ودية تنشيطية ضمن خطة إعداد المنتخب لاستئناف مشواره في تصفيات كأس آسيا 2015، إذ ينتظرنا لقاء هونغ كونغ يوم 15 أكتوبر، ونتمنى ان يواصل المنتخب انتصاراته في هذه التصفيات بعدما اجتاز في أول جولتين فيتنام وأوزبكستان بالفوز، لكن الفرحة هنا مشروعة والإعجاب هنا واجب مع جهد مواطن مبدع مؤهل دارس موهوب قدم لنا مثلاً لنجاح ابناء الإمارات، ونموذجاً حين يحصل المواطن على الفرصة والثقة. لايزال مهدي علي ومنتخبنا الوطني يقدمان لنا السعادة، ولايزال مهدي علي يبهرنا بقدرته على استخراج المعدن النفيس من كل لاعب يدفع به في مباراة. أعتقد أن سر هذا كله يكمن في كلمتين هما: أبناء الإمارات.

yakoob.alsaadi@admedia.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة