الخلط بين الجريمة وحقوق الإنسان!
نجلد ذاتنا بشدة في مجال حقوق الإنسان، ونبالغ أحياناً في ردات الفعل تجاه قضايا كثيرة، قد لا تمت إلى حقوق الإنسان بأي صلة، خوفاً فقط من اقترابها إلى هذا المنظور، مع العلم بأنه لا خوف على الإنسان وحقوقه في هذا البلد الآمن المستقر، الذي تتعايش فيه أكثر من 200 جنسية!
احترام الإنسان، والحفاظ على حقوقه، أمران حضاريان للغاية، ولا شك أبداً في أن دولة الإمارات هي واحدة من أرقى دول العالم تعاملاً مع إنسان الداخل والخارج، بل هي أكثر حضارةً من الدول التي تتشدق بحقوق الإنسان، وهي لا تهدف من رفع تلك الشعارات سوى تحقيق مصالحها الضيقة، وتالياً ما تفرضه الإمارات من قوانين، وتعالجه من قضايا، وتتخذه من قرارات في هذا الشأن، تصب جميعها في خانة أهداف ورؤية، وضعها قادة الدولة، أساسها توفير حياة كريمة لجميع من يقيم على هذه الأرض.
هناك فرق كبير بين انتهاكات حقوق الإنسان، وبين الجرائم الجنائية المختلفة، التي تحدث في جميع دول العالم دون استثناء، وهناك فرق شاسع بين انتهاك حقوق الإنسان، وبين التصرفات الفردية الناجمة عن احتكاكات يومية، ومشاجرات بين الأفراد تحدث أيضاً في جميع دول العالم، وفرق كبير آخر بين التعدي على حقوق الإنسان من قبل الدولة بمؤسساتها المعروفة، وبين التعدي على حقوق عمال أو موظفين من قبل عدد محدود من أرباب العمل!
في الإمارات، كما في جميع دول العالم، تحدث سرقات وجرائم قتل واغتصاب، ومع أنها محدودة وفي أقل مستوياتها العالمية، مقارنة بحجم السكان والزوار، إلا أن حدوثها لا يمكن اعتباره تعدياً أو انتهاكاً لحقوق الإنسان، وكذلك هي الحال في قضايا التعارك أو المشاجرات، فلا يمكن اعتبارها انتهاكاً لحقوق الإنسان، بقدر ما هي جرائم يعاقب عليها القانون، بغض النظر عن جنسيات المعتدين والمعتدى عليهم!
هذا الخلط المتعمد، وجدناه واضحاً في كثير من تقارير منظمات حقوق الإنسان، وفي كثير من مطالبات بعض الدول الغربية، عندما يتعلق الأمر بتجاوزات مواطنيها لقوانين الدولة، تفعل ذلك بشكل متعمّد، ونحن حساسون جداً من هذه القضية، ومستعدون للتجاوب الفوري، لمجرد التلويح لنا بهذا الشعار!
انتهاك حقوق الإنسان يبدأ عند انتهاك العقد الاجتماعي أو القانوني بين طرفين، بمعنى عدم دفع راتب عامل أو الإخلال بأي بند، العنف الزوجي وانتهاك عقد الزواج، اعتداء الابن على أبيه ومخالفة العقد الاجتماعي، أو انتهاك المؤسسات الحكومية لقوانين مكتوبة ومعروفة تجاه الموظفين أو المواطنين، إذن لابدّ من وجود عقد وإلا فالقضية تأخذ مسميات أخرى، لا علاقة لها بحقوق الإنسان!
عندما يعتدي مجرم على حرمة بيت إنسان، ويحاول سرقته، فهذه جريمة سرقة، لا يمكن تكييفها على أنها انتهاك لحقوق الإنسان المعتدى عليه، حيث لا عقد يربط بين الطرفين، لكنها تبقى جريمة يعاقب عليها القانون، هذا هو الفرق، وهذا ما يحاولون دائماً تضليلنا به، من خلال الزجّ دائماً بحقوق الإنسان، في كل جريمة، أو جنحة، أو حتى مشاجرة!
reyami@emaratalyoum.com
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .