مزاح.. ورماح

تصوير «طبقي»

أحمد حسن الزعبي

ألقى خطبة نارية تحدّث فيها عن انحيازه إلى الطبقة الفقيرة، وقتاله في سبيل الإبقاء على الطبقة الوسطى، وقد أسماهم: رفقاء الكدح وأشقاء الجرح، ثم حمّل الرأسمالية مصائب الدنيا بدءاً من الجوع والحروب وانتهاء بمرض الحمى القلاعية، وعرّج قليلاً على الإمبريالية و«بصق» عن يساره قائلاً: هذه ما تستحقه الإمبريالية التسلطية الاستعبادية التي أوجدت هذه «الطبقية» المقيتة  بين شعوب الأرض، الذين خلقوا متساوين في الحقوق والواجبات، ثم  ضرب بكفّة العريضة ضربات عدة على «بوديوم» الخطابة، ما هزّ الميكروفونات وأسقط بعضها، فاقشعّرت أبدان الفقراء الجالسين على الرمل والحصى يستمعون إلى هذا الموقف الجريء والفريد في الوقت نفسه، وهو يصرخ بأنه لن يستسلم ولن يتراجع ولن يهادن، وما أن نزل عن آخر درجات المنصة حتى سقط مغشيّاً عليه، فهرع الحضور إليه (المناضل)، ثم قاموا بنقله إلى المستشفى.

 أدخل إلى جهاز التصوير الطبقي، مرّ وميض أزرق على الرأس وأجزاء من الصدر والمعدة، وأثناء ضغطه على أزرار (الماكينة) جحظ فنّي التصوير بعينيه عندما شاهد سبعة أبراج سكنية معنونة بأسمائها، ومرصوصة في بطن المناضل: برج الشعب، برج النضال، برج الجماهير، برج الكفاح، برج التشارك، برج المساواة، برج المبادئ، بالإضافة إلى 10 مزارع للخضار والفواكه، وخمس شركات استثمارية وتسع مؤسسات مالية وقسيمة عطاء لتوسعة «مخيّم»، وست مدارس خاصة نموذجية، وسلسلة مطاعم سياحية تحمل اسم «الأمة»، كلما نزلت الصورة إلى المعدة ظهرت صور المشروعات والاستثمارات بوضوح، وكلما صعدت تجاه الرأس ظهرت المبادئ التي تحارب الرأسمالية والإقطاعية، والتي تتحدث عن المساواة والتكاتف والنضال، وما أن أنهى التصوير حتى شرع الفني بكتابة التقرير، اقترب أحد مرافقي الرمز الوطني ليسأله «طمنّا عن أبونا الرفيق! فقال الفاحص: بصراحة! حسيت حالي بـتفرج على (غوغل إيرث)، ما ظل بناية أو عقار أو قطعة أرض مميزة  إلا شفتها ببطن الرفيق، ثم سأل: صحيح هو شو بيشتغل الحاج؟!).

فقال المرافق بحدّة: ما بتعرفه! هذا ناذر كل حياته للدفاع عن الجماهير، ابتسم الشاب: واضح.. حتى قد ما بحبهم راح بلعهم.

الفني: أنا  أول مرة بشوف واحد من (الصدر) وفوق اشتراكي، ومن الصدر وتحت (رأسمالي!).

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر