«تبع مين بالزبط»؟
كلّكم تذكرون تلك الصرخة الغاضبة الحانقة التي كان يطلقها ذلك المواطن السوري في بداية الثورة السورية في «برومو» متكرر على قناة الجزيرة: «أنا إنسان مو حيوان.. وهالعالم كلهم متلي».. كانت صرخة قاسية حقاً ومؤلمة، لأنها الدفاع الأخير عن حصن الكرامة.
لكثرة ما تكرر «البروموشن» رسخت هذه الكلمات في ذهني كلمة كلمة وحرفاً حرفاً، وبدأت أسرح - بعيداً عن السياسة - في تفاصيل حياتنا، لأكتشف أن معظمنا يشبه ذلك المواطن العربي المضطهد، فمن لم يضطهد بالسياسة اضطهد بالاجتماع والعرف والتقاليد.
يتداول في «النت» بعض «النهفات» والكاريكاتيرات، التي تستكثر علينا إنسانيتنا من وجهة نظر اجتماعية، مثلاً:
عندما يولد الصبي في بلادنا، يبدأ الأهل يناغونه ويدلّعونه ويتغزلون بجماله قائلين: اسم الله ما أحلاه مثل «الكتكوت». وعندما يبدأ بتناول طعامه في الشهر الثامن، تقول له أمه: أكلي يا «بطة». وفور البدء بالحبو في أرجاء البيت والعبث ونثر المحتويات والعبث بالأغراض، فإن الأم تشير إليه بأنه مثل «الفار». في السنوات الخمس الأولى، وبعد أن يشتدّ عوده، ويبدأ يقفز ويتسلق ويكسر، فإن أكثر عبارة نهي تكراراً هي «اقعد يا قرد».. أما في المدرسة فحدّث ولا حرج، عندما يرتفع صوته أو ينشغل عن الحصة مع زميله فإن صوت العصا ترتطم بمقعده مع عبارة تهذيبية: ما بحب اسمع صوتك يا «كلب»، في الجامعة عندما يصادف ويدفع الحساب عن زميلة له أو صديقة في المطعم، فسيجد ثلاثة أو أربعة من «الزنخين» على الطاولة المقابلة يوصلون إشارة بالأيدي مفادها أنه «خروف»، وعندما ينطلق الى سوق العمل، ويجتهد في عمله يخرج صباحاً ويعود مساء، يقول عنه المقربون بنبرة تكسوها الشفقة: يا حرام بيحرث مثل «الحمار»، وعندما يكوّن نفسه ويشعر بأن ما جمعه بكدّه وعرقه يستحق منه أن يقدم على إكمال نصف دينه، فيتزوّج مثل بقية خلق الله، فإن ألطف وصف يصفونه به «صاير مع مرته زي الأرنب»، وبعد تدريس الأولاد وتزويج البنات والتقاعد، فإن أحد الأصدقاء القدامى لن يبخل عليه بوصف العافية «ما شاء الله! صاير قَد الفيل»، وفي رواية أخرى «قد البغل»، وعندما ينتقل الى الرفيق الأعلى، فكل من عرفه وكل من سبق وقلل من قيمته، سيذكر محاسن الميت بأنه قضى حياته مثل «القط الأعمى»، لم يؤذِ أحداً، ولم يأكل حق أحد.
السؤال الصعب:
بعد كل ما ذكر: «إحنا لازم نكون «تبع مين بالزبط» جماعة حقوق الإنسان، ولا جماعة الرفق...؟!».
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .