«ركّز.. !!»
في أيام سابقة كانت أكثر «فزعة» تقوم بها هي تلك الفزعة التقليدية حين ترى أحدهم مغرزاً في البر في الأجواء التي طال انتظارنا لها، تحس بذاك الشعور الذي كدت تنساه، ما أجمل أن تخرج أحدهم من «مطب» أو «حفرة» سقط فيها، سواء كان المطب / الحفرة معنوياً أو حقيقياً، تلك النظرة الفرحة في أعين أطفال سيارة الضحية وأنت تحفر تحت سيارتهم «لقد جاء سوبرمان لينقذنا»، وتلك النظرة الفخورة في أعين الأطفال في سيارتك وهم يرونك تضع طابوقة تحت تاير السيارة الأخرى «أبونا بطل»، وتلك النظرة الممتنة في عين صاحب السيارة التي تقلصها «مازالت الدنيا بخير»، وتلك النظرة التي يتخيلها عقلك المريض في عيني الشابة المختبئة خلف المخفي «يعجبني بروز عضلاته»، وبالطبع تلك النظرة في عينيك التي لن يفهمها أحد «أكيد ريحتي الحين مثل الكلتش المحترق»!
تغيرت قواعد اللعبة في هذه الأيام وقل كثيراً مشهد العائلة التي تلوح في الصحراء طلباً للفزعة، ولم نعد نسمع ذلك السؤال الجميل: عندك قلص أخوي؟ وتحولت أغلب الفزعات للإجابة عن سؤال آخر في مواقف المولات هذه المرة: أخوي مضيع مكان سيارتي! ممكن تاخدني لفة في الباركنات؟!
أصبحت هذه هي «الفزعة» الأكثر حدوثاً، في أيام عدة تخرج إلى المواقف لترى شاباً لطيفاً أو مجموعة مكونة من شباب يضغطون بلا جدوى على زر التنبيه في مفتاح سيارتهم ويصغون السمع لعلهم يعرفون مكان توقفها، بينما الضحية في النهاية هم المارون بجوار السيارات في المواقف الناقلة للصوت بشكل جيد، والتي سينفجر صوت الإنذار فيها فجأة لكي يستدل «السارحون» على موقعها.
حقيقة لا ألومهم، فمن يحتاج في هذه الأيام لحفظ 700 عنوان لبريد إلكتروني، وأكثر من 500 رقم هاتف، و«دستة» من العناوين، و«درزنين» من كلمات السر المختلفة، مع التأكد من تغييرها كل ستة أشهر، وموعد طبيب الأسنان، وموعد تجديد الملكية، وموعد انتهاء الليسن، ويجب عليه ألا ينسى «تشييك» الـ«واتس أب» والـ«تويتر» والـ«بلاك بيري» و«الإيميل» كل 10 دقائق، وموعد لقاء زميله العزيز في قناة رأس الخيمة، وموعد مباراة فريقه المحلي المشفرة برسيفر خاص بحاجة لوجود كفيل لشرائه بمبلغ معقول، وموعد فريقه الأوروبي المشفرة من دون وجود كفيل، وموعد فريقه المفضل الإفريقي غير المشفرة، وموعد تغيير الزيت، وموعد دفع فاتورة الكهرباء، ومواعيد دفع فواتير الاتصالات قبل القطع، وأن تتذكر إلغاء الخدمة قبل السفر، وموعد تجديد الجواز، ومواعيد شيكات مدارس الأطفال.. قسط مدرسة بـ60 ألف! أي أن قسط ثلاثة «سبلان» يساوي كلفة بناء منزلنا في الثمانينات! وموعد لقائكما، وموعد الـ«ملجه» وموعد الزفاف، وموعد الحلاق، وكلمة السر للبريد الصوتي، وكلمة السر للتحويل بين الحسابات.
هل بعد كل هذا سيفرغ «كلستر» واحد في الـ«هارد ديسك» الموجود في رأسك يمكنك أن تخزن فيه المكان الذي أوقفت سيارتك فيه داخل المول؟!
أقولك شي؟ استخدم المترو!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .