«نتوحد» من أجل مساندة أطفال التوحد..
حكومة دبي قدمت الدعم المالي واللوجيستي، لم تتأخر في ذلك، والآن المسؤولية تقع على شركات القطاع الخاص، ورجال الأعمال في تحمل جزء من التزامهم تجاه المجتمع، والإسهام في حملة «استكمال بناء مركز دبي للتوحد»، الذي سيقدم خدمات الرعاية والتعليم والتدريب لأطفال التوحد.
هذه الحملة الإنسانية الجديدة التي يطلقها «مركز دبي للتوحد» و«الإمارات اليوم»، تهدف إلى جمع ما لا يقل عن 50 مليون درهم، وهو المبلغ المتبقي لإنجاز واستكمال المركز الجديد لرعاية الأطفال المتوحدين في منطقة القرهود، حتى يظهر بشكل حديث يواكب الزيادة العددية لأطفال التوحد الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة جداً، ولهم متطلبات صعبة في طريقة ومواصفات البناء، وفي مؤهلات المدربين والمدرسين وأصحاب الاختصاص في تقديم الرعاية لهم، وهذه الأمور لا شك في أنها مكلفة للغاية.
مركز دبي للتوحد، هو مؤسسة تقدم خدمة نفع عام، وهو بالضرورة ليس ربحياً، ولا يهدف لتحقيق عائد مالي نظير تقديم خدمات الرعاية لأطفال التوحد، والمركز يقع تحت مظلة حكومية، ومع ذلك فهو يعتمد في تسيير أموره على إمكاناته الذاتية، من خلال رسوم رمزية جداً يدفعها أولياء الأمور، وحتى نعرف رمزية الرسوم لابد من ذكرها، فهي تبلغ 40 ألف درهم في السنة الدراسية، في حين أن المراكز الشبيهة العاملة ضمن القطاع الخاص تتقاضى ما لا يقل عن 600 ألف درهم سنوياً، نظراً إلى تعقيدات الرعاية اللازمة لهذه الفئة من الأطفال، علماً أن لدى المركز 270 طفلاً على قائمة الانتظار.
وضع مركز دبي للتوحد الحالي بالغ الصعوبة، فقائمة الطلبة المنتظرين على لائحة الانتظار طويلة جداً، والأطفال المنضمون إلى المركز محشورون في فيلا صغيرة غير مؤهلة وفقاً لمواصفات البناء للتعامل مع المتوحدين، فالمبنى الحالي غير صديق لهم، ووضعهم يسوء مع اضطرار الإدارة تحت الضغط الشديد من أولياء الأمور، إلى السماح لأطفال جدد بالدخول ومزاحمة الموجودين، مع العلم أن المعيار العالمي للأطفال المتوحدين يقتضي وجود أربعة منهم فقط في الصف الدراسي الواحد، مع اثنين من المدرسين المختصين لتعليمهم وتدريبهم!
إنها مشكلة ضخمة، لا يعرف حجمها إلا أولئك الأهالي الذين رزقهم الله أطفالاً متوحدين، لا يعرفون كيف يتعاملون معهم في غياب مركز متخصص مؤهل ومجهز لأطفال التوحد، والمشكلة ليست محدودة، فأعداد الأطفال في تزايد مستمر، والمأساة تزيد بشكل مضاعف مع أولياء الأمور الذين لا يجدون مكاناً لأطفالهم في المركز الحالي، فلا خيار لهم سوى حبسهم في البيوت، من دون تعليم أو تأهيل، أو تحمل عناء إدخالهم مراكز خاصة لا يستطيعون مجاراة رسومها وكلفتها المالية الباهظة!
فلماذا نتركهم يواجهون المشكلة منفردين؟ إنها مشكلة اجتماعية عامة يجب علينا أن «نتوحد» لمعالجتها، وتوحدنا هنا يعني إسهام الجميع، خصوصاً شركات القطاع الخاص، ورجال الأعمال، لإعادة الحياة إلى أطفال التوحد، من خلال الإسهام في استكمال المركز الجديد الذي سيحل الجزء الأكبر من المشكلة، وسيخفف الضغط عن كاهل أولياء الأمور الذين يعيشون قلقاً يومياً محوره مصير هؤلاء الأطفال!
إنها فرصة جديدة أمام الشركات الكبرى كي تثبت مسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع، والوطن الذي لا يألو جهداً في تقديم الخدمات والتسهيلات لهم بشكل دائم ومستمر، إننا لن نستطيع إحصاء هذه الخدمات والتسهيلات المقدمة في هذه المساحة، لكننا نريد أن نرى المقابل الذي تقدمه هذه الشركات نظير كل هذه التسهيلات غير المحدودة، فلا أقل أن يكون هذا المقابل هو دعم ومساندة القضايا المجتمعية والإسهام في حلها ولو بشكل جزئي!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .