فندق سندريلا الكاليفورني!
أثناء الدراسة في الخارج، في بلد مثل الولايات المتحدة الأميركية، كان للرحلات الداخلية فيها طعم خاص، فالبلد متنوع وجدُّ جميل، علاوة على كونه راقياً برقي شعبه.
كنا مجموعة من الطلبة القادمين من دول الخليج؛ نحاول قدر المستطاع أن نسدد ونقارب، فنضع رحلات للعائلات وأخرى لغير المتزوجين (العزاب)، وأحياناً كنا نجعلها رحلات مشتركة (كما فعلنا في رحلتنا إلى سياتل لزيارة جبل رينير على الحدود مع ولاية أوريجون)؛ على هذا الجبل عايشتُ واحدة من أروع وأغرب الظواهر المناخية، وكناّ ـ حينذاك ـ نصعد إلى قمة الجبل، وكان المطر ينهمر علينا بغزارة، وفجأة ـ وعند نقطة معينة وخط فاصل ـ تحول هذا المطر إلى صقيع وثلج!
أما فندق سندريلا فله قصة طريفة ثانية، فقد قررنا ـ نحن المجموعة المؤلّفة من أربع أُسَر ـ عدم الرجوع إلى بلادنا خلال إجازة رأس السنة الميلادية (الكريسمس 2003)، وبدلاً من ذلك استقرّ بنا الرأي عند السفر براً نحو الجنوب حيث كاليفورنيا، وديزني لاند، والكثير من المناطق السياحية على الطريق. قاد الرحلة أخي سعيد الهرمودي (بوزايد)، بعد أن استعدّ لها جيداً من خلال الاشتراك مع شركة AAA للحصول على خرائط الطريق (لم يكن لدينا وقتها جهاز ملاحة)، وشيءٍ من الخَصْم في الفنادق.
أصدقكم القول: لقد كنا أربع عائلات شكلاً، أمّا في الحقيقة فقد كنا ثلاث عائلات فقط! لأنّ إحدى العائلات كانت تُفضل أحياناً «الانفصال» أو بتعبير أصحّ الاستقلالية، علماً أنها كانت تشاركنا برنامجنا اليومي أحيانا، وكانت تستقلُّ ـ وحدَها ـ في أحايينَ كثيرة! حتى جاء الفراق إبّانَ العودة، إذْ ضربتنا عاصفة ثلجية اضطررنا على أثرها للمكوث في فندق جيد ـ نوعا ما ـ ليلة واحدة فقط، أُجْبِرْنا بعدها على الخروج منه؛ لأنه مكتمل الحجوزات، وعند هذه الورطة لم نجد مأوى أمامنا غير فندق «سندريلا» نقيم فيه حتى يفرجها الله علينا، كانت ليلة واحدة فقط، لكنها ـ وللحق أقول ـ كانت الأسوأ في حياتنا نظراً لقذارة المكان! لقد قبلنا ـ نحن الأسر الثلاث ـ بالمكان على مضض، بينما قررت تلك العائلة (المستقلّة) عدم الإقامة فيه، وعدم الاستمرار معنا في رحلة العودة.
علمتني هذه الرحلة أننا في أحيان كثيرة قد نبدأ أحلامنا ومشروعاتنا معاً، ونخطط معاً، ونمزح معاً، ونخرج معاً، ونأمل أن نصل إلى النهاية السعيدة معاً، إلاّ أن ظروف الرحلة تحتم علينا الانفصال، وهنا لابد أن نحزن لفراق المنفصلين، لكن ـ من جهة أخرى ـ لابدّ أن نحثّ الخطى ونتابع الرحلة، وننظر إلى الأمام.. وإلى الأمام فقط.
@Saeed_AlSuwaidi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .