مزاح.. ورماح
إجازة من الإجازة
أعترف بأني كنت متلهفاً أكثر من اللازم لعطلة عيد الأضحى، وأعترف بأن أوراق التقويم السنوي كرهت أصابعي لكثرة ما فتحتها وقرأتها وحسبت المدة الزمنية التي تفصلني عنها، وما أن وقع فأس «العطلة» في «رأس» الفراغ حتى حصت ولصت ولم أعرف كيف سأقضي هذه الإجازة المملة الطويلة.
ترى ما الذي يعمله رجل عادي «سادة» مثلي مغرق في المسالمة والالتزام الاجتماعي وقلة الحيلة في إجازة طويلة كهذه؟ لم أترك شيئاً إلا وقمت به: من حيث صلة الرحم.. لقد وصلت كل الأرحام التي أعرفها ولا أعرفها، حتى رحم الجدّ السابع لجارتنا أم إسماعيل وتوابعه وتوابعه عايدتهم وجاملتهم، كما زرت أصدقاء قدامى آخر مرة شاهدتهم فيها في فرصة الصف الخامس (أ)، وساعدت في مسك خراف هاربة لوجه الله تعالى، وأعدتها إلى أصحابها، كما تطوّعت في مفاوضات علنية لست طرفاً فيها بين تاجر أغنام ومشترٍ، وقت الظهيرة كنت أنام ساعات متواصلة وأنا باسط يدي على السرير من دون حركة أو حراك، كتبت «بوستات» على «فيس بوك» وتغريدات على «تويتر» كفيلة بأن تنحي «برناردشو» و«نتشه» و«غاندي» و«جيفارا» عن رمز الحكمة والنضال وحب الوطن، خرجت مرتين إلى المقهى فكانت تضجرني قلة الزبائن وأغاني الفيديو كليب السريعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بالإضافة إلى «الفحم» النيئ الذي عجز عن إشعال رأس الشيشة جيّداً في الجلستين اليتيمتين.
كل سبل التسلية مسدودة أو مقطوعة، وبعض الصحف متوقفة ومحتجبة عن الصدور، والأخبار التي تنقط في فم الصحافة الإلكترونية عن طريق الوكالات باردة ولا تشفى الغليل، «أثخنها» كان عن اصطدام دراجتين هوائيتين في بومباي، والعثور على تمساح نادر في جنوب الفلبين.، سيقول قائل: لماذا لم تسافر؟! بصراحة فضلاً عن ضيق ذات «الجيب» فإنه ليس لدي القدرة على استئجار طائرة كاملة! فالحمد لله وبفضل إعلانات «تنظيم النسل» الحكومية لدي من الذرية الصالحة ما يملأ طائرة بحجم طائرات «لوفتهانزا»، طبعاً طاقم المضيفين والطيارين منّا أيضاً، فأين المفر؟!.
لقد استنفدت كل شيء، لا خيار أمامي سوى أخذ إجازة من الإجازة والعودة إلى «النميمة» الصحافية الشهية.. أرجو أن تعتبروا هذا المقال أولى بواكيرها.. ودمتم.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .