بالرفاه والبنين
شكا لي أحد الأصدقاء، ويعمل مهندس كمبيوتر، أنه ومنذ فرغت قاعة الاحتفالات من المعازيم لم ينفرد بخطيبته خمس دقائق كاملة، كما أنه لم يسمع بعد جميع الحروف من مخارج فمها، ولا يعرف إن كانت تنطق «الراء» أم تلثغ بـ«السين» دليلاً على قلة كلامها ومحاصرتها من قبل أهلها.
يقول الصديق، والحديث على لسانه طبعاً: في أول زيارة للبيت فضّل «عمي» أن يجلسني قربه ليشرح لي عن ذكرياته العسكرية، وكيف كان مدرباً صعباً، وشخصاً مرهوب الجانب من قبل الأفراد الصغار، فمجرد أن يُسمع صوته في أول المعسكر كان الجميع يقف في مكانه، والجنود يأخذون شكل الاصطفاف احتراماً له، وأنا أهزّ رأسي وأدلق شفتي السفلى إعجاباً مزيّفاً وانبهاراً مصطنعاً بما يقوله العمّ، فلم يترك وحدة عسكرية أو ثكنة جنود نائية إلا وروى ذكرياته فيها بالتفصيل الممل، مع أن الصورة التي يضعها في صدر البيت بلباسه العسكري لا تشي بأي رتبة مهمّة.. يقول صديقي: بحلقت جيداً في صورته وهو جاحظ العينين وشاربه الكثّ يتدلى حول فمه، فلم أرَ سوى ذبابة قد وقفت على كتفه فوق البرواز الزجاجي.
قلت له مواسياً: ألم تنجح في تغيير الموضوع من خلال زياراتك المتكررة؟ هزّ رأسه وقال: «حديث العسكرية» أرحم، لأنه كان يسخّرني لتغيير إعداداته على «فيس بوك» تارة، وتغيير صورة الــ«cover» تارة أخرى، وأحياناً كي يصرف نظري عن الخطيبة كان يطلب منّي أن «أفرمت» جهاز ابنه رامي. تخيّل صرت أذهب إلى بيت خطيبتي ومعي حقيبة «أقراص» البرامج لتنزيل «ويندوز 8» والـ«أنتي فيروس» والـ«فيزتا»، وحتى البرامج التي لا يستخدمها، مثل «سكايب».
صمتُّ بعض الدقائق حائراً في مشكلة الصديق.. قلت له: كم لك خاطب؟ قال بعصبية: أربعة أشهر.
ولا يوجد أي أمل في أن يغيّر هذا الرجل سلوكه؟
الصديق بيأس شديد: أبداً.
ثم عدت وسألته: عمّك بماذا ينادونه؟
* الشاب المحبط: أبوأنس.
* أنا: عاشت الأسامي!
*الشاب: لم أفهم.
* أنا: ما عليك سوى أن تضع «حبتين كبتاغون» في جيب الحبيب، و«سلامتك.. إن شاء الله»! لأنه مش ح يشوف أحفاد أحفاده!
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .