مزاح.. ورماح

خرجتُ ولم أعد

أحمد حسن الزعبي

أول من أمس قرأت إعلاناً أكبر حجماً من إعلان «تهنئتي» بالحصول على شهادة البكالوريوس، يتحدّث عن «فقدان كلبة» - حاشا السامعين - اسمها إسكرا، وتحت الصورة الجانبية - المنتقاة بعناية كأغلفة المجلات - يشمخ وجه «إسكرا» الأبيض بكبرياء لم أتقنه شخصياً لحظة «تصويري» في روب التخرّج.

كتب في إعلان فقدان «المزمُزيل»، الذي أخذ طابع الاستعطاف: «إسكرا» تبلغ من العمر 11 عاماً «العمر كلّه»، لا تستطيع أن تعيش خارج محيطها، فهي تعاني الصرع والعقم، وتدخن ثلاثة باكيتات غولواز في اليوم، وتخضع لعلاج مستمر.

«إسكرا» لا تستطيع أن تعيش خارج محيطها! وأنا كذلك الرجل الطويل العريض «أبوالعيال» لا أستطيع أن أعيش خارج محيطي، منذ شهور وأنا أجلس في البيت «لا طلعة ولا عبرة»، مثل مفيد الوحش في مسلسل «نهاية رجل شجاع». أرتدي فانيلا نُصّ كم، وسروالاً أبيض، وزنوبة أتمشى بها في صحن الدار دون قرار، أسرب الغيم بأصابعي كطبق قمح، أطارد القطط المارة، أعطي للشجر دروساً في ضرورة الموت واقفة، وأنا منبطح.

منذ شهور وأنا مثل مفيد الوحش أجلس بانتظار «زلغوط» الوقت لأقضي عليه، و«الزلغوط» لا يأتي.

مصادفة نظرت إلى المرآة، أمس، فشاهدت شوكاً بريّاً نبت على شفتي، عشّبت لساني وتركت الشوك، حرثت حلقي بالصمت وأعدت تسييج غضبي.. منذ شهور أخاف أن أفتح الباب فأجدني، أخاف أن أقرأ الجرائد فأقرأ نبأ اختفائي.. أنا هنا، مثلك يا «إسكرا»، لا أستطيع أن أعيش خارج محيطي، أعاني «صرع» الإحباط، و«عقم» التغيير.

هل أزعجكم اختفاء «كلبة» أيها الأعزاء؟ ترى ألم يزعجكم اختفاء دول وشعوب بأكملها، وأطفال لا تستطيع أن تعيش خارج محيطها، محيط «اليتم» المجاني.

«خرجتُ ولم أعد.. خرجتُ ولن أعود».

ملاحظة: هناك مكافأة مالية مجزية لكل من يتركني وشأني.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر