زوجة للبيع..!
قد يجد البعض هذا «العنوان» صاعقاً أو مثيراً للسخرية والجدل، ولربما رآه شيقاً وشائكاً، باعتباره مغايراً للمألوف، وكأنه فلسفة من نوع آخر، لكنه بالنسبة إلي مجرّد «سؤال» ترتسم حوله جميع أدوات الاستفهام الأخرى!
لقد اتفقنا جميعاً (نساءً ورجالاً) على أن «غلاء المهور» ظاهرة سلبية مؤكدة، لها بصماتٍ سوداء لا ننكرها على مجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا وحياتنا الخاصة والعامة، كما أنها تخالف ديننا الحنيف الذي يحث على التواضع وعدم الإسراف والبذخ، ولهذا استجاب جميع أفراد المجتمع برضا وسعادة للجهود المتميزة والمبادرات الطيبة التي نشرت التوعية اللازمة للقضاء على آثار هذه الظاهرة وسيئاتها.
لكنّ لكل أمر قطبين متساويين في معيار الاختلاف رغم الفارق في وجهتيهما؛ ولا يجوز التشدد والمبالغة في التحيّز مع أحدهما ضد الآخر، ففي الآونة الأخيرة لاحظت ارتداداً عكسياً واضحاً لمؤشر القطب، حيث ارتد من السلبية التي عشناها مُسبقاً إلى سلبية معاكسة تماماً تتسم بـ«رخص المهور»!
العجيب أن البعض يتعامل مع الأمر كأنه صفقة تجارية رابحة أو خاسرة، بل قد يفتخر بربحه أو يندب خسارته! معتقداً أن الضرر يقع على طرف واحد فقط! متناسياً أن كلمة «زواج» بالأصل تقوم لغة ومعنى على أساس «المثنى» أي «الاثنين»!
لقد قرأتُ أخيراً عن أب زوّج ابنته مقابل «ريالين» فقط! ولعله كان من الأفضل أن يتنازل عن أي مبالغ مادية في المهر! بل ليته اقتصر على قيمة معنوية كــ«مصحف شريف» أو «باقة ورد من الحديقة» أو أي «رمزٍ بسيط» ذي معنى أعلى وأغلى من شراء «ما لا يُقدّر بثمن»! ففي هذا تقليل من قيمة «الزواج» ذاته عند الطرفين، ودونّية لمعايير «الارتباط»!
أوّد التنويه بشدة بتأييدي التام لجميع تسهيلات الاقتران؛ لكن رسالتي للطرفين هي عدم «جواز» التفكير «بالزواج» كتجارة محلية أو دولية، لتحصيل «الصادرات والواردات» الأفضل سعراً من داخل الدولة أو خارجها! فالمستهلِك هنا هو الشاري والبائع معاً، والمستهلَك «قلباهما»! والقلوب ليست للبيع! وشراكة العمر ليست «صفقة»! ولذلك أتمنى التعقّل والاعتدال في أمورنا، كما قال تعالى: (وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً).
eman.alhashimi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .