مزاح.. ورماح

غير مذنب

أحمد حسن الزعبي

يا إلهي! أين المفر؟ نكتب في السياسة تتصدى لنا الرقابة السياسية، نكتب في الدين تتصدى لنا الرقابة الدينية، نهرب من السياسة والدين ونكتب في الرياضة تتصدى لنا العصبية الرياضية، نهرب من كل ما سبق ونكتب في الحياة الاجتماعية تتصدى لنا رقابة الأسماء والعائلات والمهن التي نذكرها في مقالاتنا.. بصراحة لم أجد سوى هيفاء وهبي وزميلاتها، فهن الأوسع صدراً، والأكثر تسامحاً، من بين كل الذين جرّبت وكتبت عنهم طيلة مسيرتي الصحافية.

يصادف أحياناً أن تخترع اسماً تحشوه في المقال لتوصل فكرة ما أو تستخدمه وسيلةً لبناء النص، لتكتشف أن الاسم موجود فعلاً، وأنه ينوي أو نوى رفع قضية عليك بحجّة «التشهير».

الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، الآن توجد أربع قضايا مرفوعة ضدي في المحكمة بدعوى «التشهير»، وكلها لأسماء وردت إما من باب الخطأ في نشر الأخبار أو من باب التشابه في كتابة المقالات، كل أسبوع أركن سيارتي في موقف ترابي وأمضي نحو المثول أمام القاضي، في طريقي أسلم على كتبة الاستدعاءات، وأصحاب عربات الكعك وبيض، وأصبّح على درّاجات الشاي والقهوة المتوقّفة أمام قصر العدل، كما صرت معروفاً للمراسلين والفرّاشين والمحامين والمسؤولين عن ماكينات التصوير وموظفي الأرشيف وحتى قضاة الجنايات، وليس سراً إن قلت لكم إنه أحياناً يوّدني أحد باعة الكعك ببيض بــ«سندويشة» مكتنزة المحتوى ومغرقة بالشطّة أضعها في حقيبتي قبل أداء اليمين.

أهرول في «الكاريدور» لأستمع للسؤال التقليدي الذي يطرحه عليّ القاضي بعد تلاوة لائحة الاتهام: هل أنت مذنب؟ غير مذنب سيدي!.. هذا وقد قال المتهم إنه «غير مذنب» تؤجّل الجلسة إلى 24 من الشهر المقبل.

أربع قضايا في شهر واحد! هذا غير القضايا التي نزعنا فتيلها قبل أن تصل إلى أيدي صاحب «الروب الأسود»، كان أطرفها شركة رأسمالها مليار دولار، سمعت من أحد مستشاريها القانونيين أنهم ينوون رفع قضية عليّ، بسبب أحد تعليقاتي الساخرة، وربما يطالبونني بتعويض 25 مليون للإضرار بسمعتها.. تخيّلوا 25 منّي أنا؟ قلت للمستشار القانوني: بمزح معكم.. بالله عليك إذا ما مزحت معكم مع مين أمزح؟ انفلت المحامي من الضحك، وتعهد بإنهاء القصة من دون محاكم.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر