كل يوم
مفاجأة «القفز بالمظلات»
تأكيدات عدة تلقيتها الإثنين الماضي لحضور حفل العشاء الرسمي لبطولة دبي العالمية للقفز الحر، التي يتخللها الاحتفال بمناسبتي اليوم الوطني الإماراتي، وظفر دبي باستضافة المعرض العالمي «إكسبو 2020»، ولا أخفيكم سراً أن كثرة التأكيد أثارت في نفسي شكوكاً وريبة، خصوصاً أن الأخ العزيز سيف بن مرخان مدير مكتب ولي عهد دبي ألمح إلى أن هناك «مفاجأة»!
وأول ما تبادر إلى ذهني عن ماهية المفاجأة، توقع بمقلب جوي يتناسب مع بطولة القفز الحر، خصوصاً أني سمعت الكثير عن طريقة سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم في علاج أصحاب «فوبيا» الارتفاعات، فلقد استدرج أحدهم ذات مرة إلى موقع القفز، وإذ بهم يحملونه إلى الطائرة وهو يصرخ ويقسم بالله أنه يخشى النظر من النافذة إذا تجاوز الطابق الثالث من أي مبنى، لكنه لما أدرك أن الأمر واقع لا محالة ولا جدوى من صراخه، طلب منهم أمنية أخيرة على طريقة المحكومين بالإعدام، وهي التحدث عبر الهاتف مع زوجته، وبعد أن نفذ طلبه، صعد الطائرة إلى ارتفاع 13 ألف قدم، وقفز منها، والنتيجة أنه الآن يقفز بمفرده متلذذاً بهذه الرياضة في كل أسبوع مرة على الأقل بعد أن اختفت «الفوبيا»!
«الفكرة الذكية في تحويل برج العرب إلى شاشة عرض ضخمة تم من خلالها عرض فيلم قصير كامل المشاهد عن تطور الدولة، وفضل الاتحاد، ومقارنة سريعة بين الماضي والحاضر». |
عموماً، نفسياً تأهبنا لكل الاحتمالات، ولكن ما إن بدأت العروض والألعاب النارية على برج العرب والمنطقة المحيطة، حتى أدركنا فعلاً أن هناك مفاجأة، وهذه المفاجأة لم تكن عادية أبداً، بل كانت مذهلة، وهي كما وصفها كثير من الحضور الأجانب قبل العرب «فوق الخيال»، إنها العروض فائقة الجودة والمتطورة تقنياً وفنياً بشكل لا يوصف، وكانت بحق مفخرة احتفالية تتناسب مع مفخرة اليوم الوطني الذي وحد هذه الدولة، ومفخرة الإنجاز العالمي الذي تحقق بفوز الإمارات باستضافة «إكسبو 2020».
هي أفضل عروض من نوعها، ليس على المستوى المحلي فقط، بل والعالمي أيضاً، وتم استخدام تقنيات يشاهدها العالم للمرة الأولى، منها كتابة الأرقام بالألعاب النارية، وهو ما لم يعرفه العالم من قبل، فقد تمت كتابة رقم «2020»، رمزاً لـ«إكسبو»، و«42»، وهو عمر دولتنا الفتية التي احتفلنا بذكرى توحدها، ليس ذلك فحسب، بل الفكرة الذكية في تحويل برج العرب إلى شاشة عرض ضخمة، تم من خلالها عرض فيلم قصير كامل المشاهد عن تطور الدولة، وفضل الاتحاد، ومقارنة سريعة بين الماضي والحاضر، إضافة إلى عرض معالم مختلفة من إمارات الدولة السبع، كل ذلك بمصاحبة الأضواء والألعاب النارية، وأشعة الليزر، والسيمفونيات الموسيقية، وبتناغم وتجانس تام، متقن ودقيق بشكل مذهل جداً.
لا ننكر أن الشركة الفرنسية التي نفذت هذه العروض هي شركة شهيرة على مستوى العالم، ونفذت عروضاً مختلفة في حدائق ديزني الشهيرة، وتمثال الحرية الأميركي، وحتى برج إيفل، وفي عواصم عالمية مختلفة ضمن احتفالات رأس السنة الميلادية، لكن ما حدث في برج العرب كان شيئاً آخر، فالعروض السابقة لم تكن تتجاوز خمس دقائق، وعرض دبي استمر للمرة الأولى 15 دقيقة.
الشركة العالمية موجودة ومعروفة، لكن الأفكار التي تضمنت عرض برج العرب، وتسلسل الأفكار وتناغمها، وقبل ذلك تزويد الشركة بها، والإشراف والمتابعة أولاً بأول، وفي مختلف المراحل داخل البلد وخارجها، كل ذلك تم من قبل شباب مواطنين، بذلوا جهوداً استمرت أكثر من ثمانية أشهر في الترتيب والاستعدادات والبروفات، لتخرج هذه الدقائق الخمس عشرة في أبهى حلة، وقد كان لهم ما أرادوا، واستحق العرض كل كلمات الإعجاب التي تناقلتها وفود المشاركين في بطولة العالم للقفز الحر والحضور، الذين فاق عددهم ألف شخص، يمثلون أكثر من 77 دولة، الحضور كان عالمياً، لكن العرض كان أكثر من عالمي، وأكثر من خيالي!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .