كل يوم
قمة رصّ الصف الخليجي
أهمية اجتماعات قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في القمة التي اختتمت أعمالها أمس بالكويت، لم تنحصر في قرارات إنشاء القيادة العسكرية الموحّدة، و«الإنتربول الخليجي»، والمشروعات الاقتصادية الأخرى، لكن مع أهمية ذلك وحيويته، فإن الأهم هو كون هذه القمة هي قمة رصّ الصفوف الخليجية، في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات ومتغيرات متسارعة ومقلقة.
فجانب العلاقات مع إيران يشهد تسارعاً في الأحداث، وغموضاً في كثير من تفاصيله، وعلى الرغم من ترحيب القادة الخليجيين بالإشارات الإيجابية من طهران، لتحسين العلاقات مع دول المجلس، فإن الخليجيين لايزالون ينتظرون أفعالاً إيرانية حقيقية، تثبت حرص طهران ومساعيها الجادة، لإقامة علاقات مبنية على حسن الجوار مع دول المجلس.
على الإيرانيين أن يعرفوا أن العلاقات الدولية لا تقوم على حسن «النوايا» فقط! |
فما يحدث حالياً لا يتعدى التصريحات والإشارات الإيرانية المتضاربة، والخالية من الاقتران بأي فعل، فزيارات وزير خارجية إيران إلى عدد من العواصم الخليجية لم تشمل السعودية والبحرين، وما كتبه الوزير محمد جواد ظريف، على صفحته في «فيس بوك»، حول الجزر الإماراتية الثلاث، وتأكيده أنها «سيادة وطنية إيرانية، غير قابلة للتفاوض والمساومة، وحتى مجرد تصور التفاوض بشأن السيادة حول أرض إيرانية تدبير لا يغتفر»، فيه كثير من الإشارات الأخرى، التي تخالف خطاب حسن النوايا الإيرانية، بل وترجعنا إلى نقطة الصفر، وعلى الإيرانيين أن يعرفوا أن العلاقات الدولية لا تقوم على حسن «النوايا» فقط!
القمة الخليجية حافظت على التقاليد الخليجية في احترام بعضنا بعضاً، وهدأت النفوس، ولم تطرح أي قضايا خلافية، وعلى الرغم من وجود تباينات في المواقف بين بعض الدول، حول بعض القضايا الإقليمية، كالموقف من إيران ومن سورية، والموقف من الاتحاد الخليجي، فإن الأمور سارت في إطار توافقي، خصوصاً الاتفاق على عدم طرح مسألة الاتحاد الخليجي بصيغة جديدة، ونسيان الصيغة السابقة التي لم تكن مقبولة، والاكتفاء بصيغة «استكمال مشاورات الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد»، مع الأخذ في الحسبان صيغة الاتحاد الأوروبي، لدراستها كشكل أكثر قبولاً من الاتحاد الكامل.
القمة الخليجية كانت أفضل، من حيث الأجواء العامة بين دول المجلس، ويبدو أن الجميع يترقب نتائج ميثاق الشرف، الذي اتفقت عليه دول المجلس، قبل انعقاد القمة من أجل عودة الصفاء الخليجي، ونبذ الخلافات العديدة التي لم تكن ظاهرة في العلن، لكنها كانت موجودة ومحسوسة تحت الطاولات، خصوصاً أن ميثاق الشرف كان موجهاً ضد أكثر الموضوعات اشتعالاً، فكان الاتفاق على ثلاثة محاور مهمة، هي عدم دعم أي دولة خليجية لمعارضين من دولة أخرى وعدم تجنيسهم، وعدم دعم «الإخوان المسلمين»، وعدم دعم القوى المختلفة في اليمن، وهذا الاتفاق ساعد على تهدئة كثير من الأمور، ومن المهم أن تلتزم به جميع دول المجلس.
لابدَّ من احتواء الخلافات الخليجية، ولابدَّ من المصارحة والمكاشفة، ووضع الحلول والالتزام بها، فلا مخرج لدول الخليج العربية من الأزمات الدولية والتحديات المتوقعة، سوى الاتفاق وتوحيد الصفوف والمواقف، وهذا ما يأمله الجميع، ونأمل أن تكون القمة الخليجية في الكويت هي البداية الحقيقية لذلك!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .