كل يوم
مطلوب مظلة حكومية
انتهت حملة «نتوحّد من أجلهم»، التي أطلقتها «الإمارات اليوم»، بالتنسيق مع مركز التوحد في دبي، لاستكمال بناء مركز لأطفال التوحد، بتجميع أكثر من نصف المبلغ المطلوب بقليل، حيث وصلت التبرعات إلى نحو 26 مليوناً و600 ألف درهم، في حين أن المركز بحاجة إلى 50 مليوناً، لاستكمال البناء والتأثيث والتشغيل.
«لم نتوجه للحكومة من أجل الدعم المالي، لكن الآن نتوجه إليها لتنظيم عمل المركز وتوليه بشيء من الرعاية اللاحقة». |
وقبل أن نتطرق إلى الملاحظات والدروس المستفادة من الحملة، لابد أن نثني على جميع المتبرعين، ونتقدم إليهم بالشكر الجزيل، باسم أطفال التوحد وأولياء أمورهم كافة، على إحساسهم بالمسؤولية، والتبرع لهذه الفئة من المجتمع، التي تحتاج إلى كل دعم ومساندة.
من أهم الملاحظات، وأكثرها وضوحاً للحملة هو غياب ثقافة تحمل المسؤولية المجتمعية، فهي مازالت ضعيفة جداً، وغير مفهومة عند كثير من فئات المجتمع، وغائبة تماماً عند شركات القطاع الخاص، خصوصاً الأجنبية، على الرغم من تفهمها لها، وتنفيذها مشروعات مشابهة في دول أخرى!
ثقافة المسؤولية المجتمعية كفكرة غائبة عند الناس أيضاً، فمع انطلاق الحملة حتى نهايتها، ونحن نتلقى يومياً السؤال ذاته: لماذا تطلقون حملة لبناء مركز للتوحد في الإمارات، التي تبني مراكز ومستشفيات في كثير من دول العالم؟!
هناك من طرح هذا السؤال بخبث، وهناك من طرحه بحسن نيّة، وللجميع نحب أن نوضح أن الحكومة لن تعجز عن بناء عشرة مراكز، بدلاً من مركز واحد، وهي تنفذ مشروعات خدمية أضخم بكثير من المركز، لكن الحملة لم تتوجه إلى الحكومة، إيماناً بأهمية نشر فكر التبرع، والمساهمة المجتمعية عند القطاع الخاص بشكل مركّز، على اعتبار أن ذلك واجب عليهم وليس جميلاً يمنون به على أطفال التوحد، ومع ذلك أثبتت الجهات والدوائر المحلية تحليها بروح المساهمة المجتمعية أكثر بكثير من رجال الأعمال والشركات الخاصة، فكانت دوائر دبي هي أكثر الجهات مساهمة في التبرع.
لم نتوجه للحكومة في جمع المال، وبقية المبلغ يمكن تدبيره، لكننا الآن سنتوجه للحكومة ليس من أجل الدعم المالي، بل من أجل تنظيم عمل المركز وتوليه بشيء من الرعاية اللاحقة، فمن الغريب أن مركز التوحد الذي تأسس بمرسوم صادر من المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد، وهو مؤسسة غير ربحية، تسعى لتقديم الدعم والمساعدة لعلاج أطفال التوحد ودمجهم في المجتمع، يعمل وحيداً دون مظلة حكومية، ودون ميزانية تشغيلية للصرف على موظفيه ومعلميه، ويضطر مديره بشكل شهري لجمع تبرعات يستطيع من خلالها صرف رواتب المعلمين، فالتبرعات هي الدخل الوحيد الذي يجنيه المركز، فهل يعقل ذلك؟!
هناك أكثر من جهة ودائرة حكومية، يقع المركز في صلب عملها، ومع ذلك لم تسارع أي جهة ذات علاقة بالسؤال عن الحملة أو المركز، ولم يتبنَّ أي منها تولي المسؤولية وتنظيم العمل في هذا المكان الإنساني، الذي يتعامل مع 70 طفلاً مواطناً يعانون التوحد، منهم 18 طفلاً يتلقون التعليم في المركز، و52 يجلسون في بيوتهم، لعدم وجود أماكن إضافية في «صنادق» المركز الحالي المملوءة بالأطفال!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .