مزاح.. ورماح

«مالت علينا..!»

عبدالله الشويخ

يحب الجيولوجيون دائماً استخدام عدد من المصطلحات الصعبة، أثناء حواراتهم ولقاءاتهم التلفزيونية، على غرار: «الطبقة الصخورية»، و«المنعطف الجوي الكثيف»، و«الجرف القاري الغير متزن»، وبالطبع فنحن «عيال فريج»، ونعرف السبب الحقيقي لعقدة الجيولوجيين الأزلية، ورغبتهم في الإحساس بالأهمية، السبب هو باختصار أن حصة الجيولوجيا في الثانوية، كانت تقتصر على حصة واحدة أسبوعياً على عكس بقية المواد العلمية «الثقيلة»، مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء، التي كانت تحصل على أربعة مقاعد أسبوعياً، ما كان يترك لدى الطلبة (الذين أصبحوا أفراد المجتمع لاحقاً)، ينظرون إلى هذا التخصص بنظرتهم نفسها إلى التربية الفنية وحصة الرياضة.. ثم جاءت المنافسة لاحقاً من المحللين السياسيين، الذين تحولت أسماؤهم فجأة إلى أخصائيي (جيولوجيا سياسية) ـــ جيوبوليتيكس، ما زاد احتقان الزملاء أصحاب الاختصاص، الذين يستمرون في إلقاء أي لوم في أي تغيير مناخي، أو جغرافي، أو طقسي على «ميلان» محور الأرض.. ويقول أحدهم إن الأجواء الباردة، التي شهدتها المنطقة، ستستمر لفترة طويلة بسبب هذا «الميلان» الحديث في محور الكرة الأرضية.

قصة العرب مع «الميل» ليست حديثة.. فأول ما يشعر به العربي قبل الحب هو «الميل».. أحس بأنني «أميل» إلى بنت فلان، لكنني لا أعلم إن كانت «تميل» إليَّ أم أنها «سيده»!

حتى في توصيفهم.. فلان رجل «يميل» إلى التدين، أو «يميل» إلى «الصياعة».. يعتبر العرب «ميل» الفتاة كصفة مجردة صفة جمالية: «(ميلي) يبنيه (ميلي).. يام الدشداشة النيلي».. كما أنه الإشارة الأولى إلى اقتراب من القبر: رجل مال ظهره!

أن يقال فلان «مالت عليه» فهو قدح وذم، لا يصل إلى مرحلة السب وإمكانية رفع قضية.. لأن الفاعل مجهول، فلا تعرف ما هو الشيء الذي «مال» عليه.. ويحب إخواننا المصريون ربط «الميل» بفقدان الحق فالرجل الذي يكون «حيطته مايلة»، هو الرجل الذي يؤكل حقه فلا يعترض!

حتى «البنشرشية» أصبح «الميلان» هو حجتهم الأولى لإصلاح أي عطب، فإما أن «التواير مايلة»، أو أن «الشاصي مايل»، أو أن الميزانية «مايلة»!

الجميل أنه في وسط هذه الحياة «المايلة» في كل شيء تجد أحدهم، وقد شد رحاله إلى أوروبا، منتقداً الوضع لكي يغير جواً، وحينما تسأله عن وجهته يجيبك بكل فخر: ساير إيطاليا بشوف برج بيزا «المايل».

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر