مزاح ورماح

ابتزاز.. و«اعتزاز»

أحمد حسن الزعبي

لا يدري ولي أمر الطالب أي الأقنعة يرتدي الساعة السابعة صباحاً «ماما تريزا».. «دراكولا».. «ميسي».. «الرجل الأخضر»؟! فكل الوسائل لإيقاظ الأطفال للذهاب إلى المدرسة تبوء بالفشل، فكشف الأغطية والهزّ باليد، وإطلاق العبارات «التيريزية» الناعمة التي تفوح بالتسامح والمحبة واللين، مثل: «بابا اصحَ حبيبي».. «ماما اصح يا ماما تأخرت على المدرسة» تبوء بالفشل، لذا لابدّ من استخدام التخويف «الدراكولي»، فيبدأ الشدّ من الأذنين وقرص الخدين والصفع على الذراع والعضّ. وإذا بقي الولد متكوّراً في فراشه، تركله على طريقة «ميسي» ركلة خفيفة، لكن محسوبة، فإذا لم يستيقظ من رأسه علّه يستيقظ من مؤخرته هذه المرّة. آخر وسيلة للإيقاظ الحمل على الكتف على طريقة «الرجل الأخضر»، وإدخاله الحمام «ليصحصح» هناك على خرير الماء وحرقة الصابون في العينين.

أولادنا يتدللون علينا كأنهم هم من أنجبونا لا نحن، فعلى الرغم من كل ما توافر لهم ولم يتوافر لنا من لباس جديد ونظيف ومدارس محترمة، ومصروف مغرٍ، وحقائب متينة ومجهّزة، ودراسة «نصّ كُم»، ونجاح مضمون، وواجبات أقل، ووسائل ترفيه أكثر، إلا أنهم لا يضيّعون فرصة للتأفف والتذمر أو «ابتزازنا» على هدية أو لعبة أو جهاز، مقابل أن ينام على الوقت أو يصحو على الوقت، أو يحلّ واجباته وهو منسدح على بطنه.

في المقابل، هناك، حيث المدارس المبنية من حجر وطين، سقوفها على الأغلب من الخشب أو من «القصب»، وساحاتها ترابية، والطرق إليها جبلية وعرة، لا تدفئة فيها ولا تكييف، لا نوافذ ولا كهرباء، آثر الطالب الباكستاني «اعتزاز حسن»، الأسبوع الماضي، أن يضحّي بنفسه في سبيل إنقاذ زملائه الطلاب ومدرسته الآيلة للسقوط من تفجير انتحاري، كان ينوي أن ينفّذه أحد المتشددين، فانقضّ عليه بعد أن سمع صراخ التلاميذ الصغار بعد افتضاح نيات القاتل، لينفجر الحزام الناسف في الطالب «اعتزاز» وفي منفّذ العملية.

«اعتزاز» مات، لكنه أحيا «الاعتزاز» في روح أبناء وطنه، فقد أنقذ عشرات الطلاّب من الموت، وأنقذ الحرف من الركوع تحت رجلي الظلام!

فتأمل يا رعاك الله.

ahmedalzoubi@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر