كل يوم
ردّ الإساءة بالإساءة ليس نهج الإمارات..
خطوة غير مسبوقة قامت بها وزارة الخارجية، أمس، باستدعاء السفير القطري وإبلاغه رسمياً رسالة احتجاج تتضمن استياء الإمارات البالغ من الإساءة التي تعرضت لها من الدكتور يوسف القرضاوي، وبما أن إساءات هذا الشخص للدولة وتحريضه عليها تكررا مرات عدة، والصمت القطري عليه أيضاً تكرر بعدد مرات الإساءة نفسه، كان حتماً على الإمارات أن تضع حداً لذلك، فسياسة ضبط النفس الهادئة التي التزمت بها الإمارات طويلاً، لم تفسر كما يجب من القرضاوي، ولذلك استمر في تهجمه وتحريضه على الدولة، وبأسلوب غير مسبوق أيضاً في العلاقات الإماراتية ـ القطرية خصوصاً، والعلاقات الأخوية بين دول المجلس عموماً!
العلاقات بين دول المجلس لها خصوصية، والاحترام المتبادل بين الدول سياسة عامة حافظت عليها دول المجلس في أكثر اللحظات توتراً، لذلك فإن ما يقوم به القرضاوي من تهجم في المنابر الرسمية الدينية والإعلامية عمل غير مسبوق في تاريخ العلاقات الخليجية، يهدّد به طبيعة هذه العلاقات وميزتها، ومن الغريب حقاً سكوت الأخوة القطريين على إساءات القرضاوي المتكررة للدولة، فمثل هذا الصمت الرسمي الدائم لا يحمل سوى تفسير واحد هو موافقة ومباركة رسمية لما يُقال، وهو ما استدعى خطوة الاستياء والاحتجاج الرسمي الإماراتي.
«خطوة استدعاء السفير القطري والاحتجاج الرسمي كانت ضرورية جداً، ولم تلجأ إليها الخارجية الإماراتية إلا بعد أن تكرّرت الإساءات، وتكرّر الصمت الرسمي على هذه الإساءات». |
غير مقنع أبداً ذلك الرد الذي يقول إن «القرضاوي يمثل نفسه ولا يمثل الخارجية القطرية»، من يمثل نفسه لا يتحدث من منبر رسمي، ولا ينقل تصريحاته التلفزيون الرسمي، ومجرد تفكير وزارة الخارجية القطرية في إطلاق تصريح لتبرير هذه الحادثة، فإن ذلك يعني ضمناً اعترافاً بسلبية تلك التصريحات وخروجها عن إطار العلاقات الأخوية، الأمر الذي استدعى من وزير الخارجية إطلاق هذه التصريحات، لكننا للأسف نجدها غير مقنعة وغير منصفة بل وغير مقبولة من قبل الشعب الإماراتي قبل حكومته!
إساءة القرضاوي للإمارات كانت واضحة، والتحريض عليها كان علانية، في حين رد الخارجية القطرية تمحور في تبرير لرفع العتب فقط، ولم يحمل أي كلمة تشير إلى رفض السلطة الرسمية القطرية لمضمون وفحوى الإساءة الواردة في تصريحات القرضاوي، ما يعني الموافقة على الإساءة في الشكل والمضمون، وهو أمر مستغرب حقاً من دولة شقيقة نكنّ لحكومتها وشعبها كل احترام وتقدير، ونعتز بها وبجيرتها، وتربطنا بها علاقات تاريخية قديمة، وعلاقات وشيجة، فنحن أهل وبنو عم وأقارب وأنساب!
خطوة استدعاء السفير القطري والاحتجاج الرسمي كانت ضرورية جداً، ولم تلجأ إليها الخارجية الإماراتية إلا بعد أن تكررت الإساءات، وتكرر الصمت الرسمي على هذه الإساءات، وبعد أن أعطت الإمارات فرصة كافية من الوقت انتظاراً لبيان رفض رسمي لمثل هذه التصريحات المعادية.
ولكن بدلاً من ذلك فوجئت الإمارات بتصريحات غير منطقية، تفتح مجالات عدة لطرح الأسئلة الجادة حول موقف الحكومة القطرية رسمياً، فكان لابد من خطوة رسمية، على أمل أن تضع حداً لمثل هذه الإساءات مستقبلاً، وهذا ما نتمناه جميعاً، فمازلنا في الإمارات، حكومة وشعباً، نحرص على المحافظة على أواصر المحبة بيننا وبين دول المجلس عموماً، وقطر خصوصاً، ولن يكون رد الإساءة بالإساءة نهجاً لنا يوماً، ولذلك كانت ردة فعل الخارجية الإماراتية راقية وحضارية في أسلوبها وكلماتها، فالتهجم والإساءة للأشقاء في المنابر الرسمية ووسائل الإعلام، لم يكونا يوماً أسلوباً متبعاً في الإمارات، ولن يكونا يوماً كذلك.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.