كل يوم
خلط الحق بالباطل.. وتزييف الحقائق!
لعل أكبر مشكلة يعانيها العالم الإسلامي اليوم، هي «خلط الدين بالسياسة»، صدق في ذلك رئيس المجلس الوطني الاتحادي، محمد المر، في تصريحاته التي أطلقها من طهران، نهاية الأسبوع الماضي، وهذه المشكلة تحديداً هي التي أودت بدول «الربيع العربي»، أو بالأحرى الدول التي تعيش الكابوس والدمار، إلى ما هي عليه الآن!
قفز المتسلقون بلباس الدين على أحلام وحماسة الشباب، وسرقوا ثورتهم، لم يكتفوا بذلك بل بدأوا التخطيط لنشر الفوضى في بقية الدول العربية، ومحاولة السيطرة عليها، ليس ذلك حباً في الدين، وإنما استغلالاً له، لتنفيذ مخططات وأجندات مرسومة منذ سنين طويلة، فالغاية تبرر الوسيلة، والدين هو اللغة التي من خلالها يستطيعون استقطاب البسطاء من المتعاطفين، وهي اللغة الوحيدة التي يجيدون استغلالها، ولا يجيدون غيرها لإدارة دولة، وتالياً كان الفشل عندما أصبح الحلم واقعاً، وسقطوا في أول اختبار حقيقي!
«النظام العالمي الحديث لا يحتاج إلى مرشد يكذب ويستغل الناس باسم الدين، والدول الحديثة بحاجة إلى إدارة واقتصاد وسياسة، ولا تدار بالخطب والكلام العام، إنها ملامح عصر الظلام الذي عاشته أوروبا في زمن الكنيسة، ولا يمكن أن يتقبله العالم اليوم على شكل (إخوان مسلمين)». |
سيئ جداً عندما يستغل هؤلاء المنابر الدينية، ويظهرون بمظهر رجل الدين شكلاً، ليشوهوا كل جميل فيه، ويبدأوا في شق الصفوف، ونشر الفتنة التي طالما أسمعونا أن الله يلعن من أيقظها، وها هم يوقظونها، بل ويفرقون بين أشقاء وإخوة، ويصنعون شرخاً عميقاً في صف دول متعاونة!
يلبسون الحق بالباطل، ويلبسون الباطل بالحق، فمن الذي أعطى لشخص مثل يوسف القرضاوي الحق في الاعتقاد أن كلامه هو «الحق»، وما تعريف «الحق» الذي لن يسكت عن قوله؟ وهل ينطبق هذا التعريف، إن وجد، على تهجمه على دولة الإمارات وتحريضه ضدها، والإساءة إليها؟!
هل هذا هو «الحق»؟ وهل معارضة الإمارات لتيار «سياسي» لا علاقة له بالدين، مع احترامها وإسهامها في دعم ومساعدة الدول الإسلامية كافة، واحترامها وتقديرها لكتاب الله، وتسهيل حفظه في قلوب الأجيال، هي محاربة للحكم الإسلامي؟! عن أي حكم إسلامي يتحدث القرضاوي؟!
النظام العالمي الحديث لا يحتاج إلى مرشد يكذب ويستغل الناس باسم الدين، والدول الحديثة بحاجة إلى إدارة واقتصاد وسياسة، ولا تدار بالخطب والكلام العام، إنها ملامح عصر الظلام الذي عاشته أوروبا في زمن الكنيسة، ولا يمكن أن يتقبله العالم اليوم على شكل «إخوان مسلمين»، مزايدة مملة وسقيمة، لهدف خبيث، فكلنا مسلمون، ودولنا مسلمة، وأنظمة الحكم في دول مجلس التعاون الخليجي متشابهة، وحققت لشعوبها قفزات هائلة في التنمية والتطور، وتوفير مستلزمات الحياة الكريمة، المساجد منتشرة، والدين مُعظَّم، والقرآن محفوظ، وأبواب الخير مفتوحة على مصاريعها، نساعد إخواننا في الدين أينما كانوا، وننصرهم قدر الاستطاعة، فما الذي يريده القرضاوي وتياره؟!
لا نحتاج إلى أن نعدد ما تقدمه الإمارات للإسلام، فالدولة لا تقدم ذلك طمعاً في إشادة، بل هي قناعة راسخة في السياسة الخارجية الإماراتية منذ أن قامت الدولة، ولا أعتقد أن هناك نظاماً يسمح بإخراج المساجين، وفقاً لحفظهم كتاب الله، من أجل إصلاحهم وهدايتهم، إلا في الإمارات، وليس هناك أكبر من الجائزة التي تقدمها الإمارات إلى حفظة كتاب الله سنوياً، وفي كل منطقة صغيرة أكثر من أربعة مساجد كبيرة، لم تمنع الدولة فيها المصلين، ولم تشدد عليهم، فهل مطلوب منا أن نصدق بعد ذلك أن الإمارات ضد كل حكم إسلامي؟!
إنه الكذب ينطق به القرضاوي على منبر ديني، والعتب مزدوج عليه وعلى من سمح له بالخروج على الأعراف والأخلاق الخليجية كافة، إنها ليست حرية رأي، ولا هو قول الحق، إنه خلط الحق بالباطل، وتزييف للحق، فلا قدسية لأحد، ولا هو وحي يوحى، إنه زعيم تيار «سياسي» لا أكثر!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.