«المبوبات..!!»

إذا كنت ممن لا يقرأون الإعلانات المبوبة فأنت لست منا!

من السهل علينا في هذه الأيام إخراج أيٍّ كان «منا»، إذا خالفنا الرأي، إذا أحب شخصاً لا نحبه! إذا تعاطف مع مقالة، صورة، بيت شعر، أنت لست «منا»، إذا لم تقرأ الإعلانات المبوبة فأنت واحد من ثلاثة، إما أن الحياة لم تلسعك لتبحث عن «بوتوغاز مستعمل» أو «رقم مميز»، أو أنك «مشتري راحتك» فلا تحب أن ترى أسعار العقار والأراضي، ولا تبحث عن «لقطة» ولا تهمك عبارة «من المالك مباشرة»، أو أنك ولد أبيك ولم «تتفنش» قط، لتبحث عن وظيفة في المبوبات!

لا شيء يمكنه أن ينقل مزاج المجتمع والسوق ومزاج الناس إليّ مثل الإعلانات المبوبة، عن طريقها أعرف كل شيء ولا حاجة لي إلى قراءة بقية الجريدة، المزاج العام، الحالة الاقتصادية، التوطين، التفاؤل، المنتجات الجديدة، المساج، الممنوعات، هناك لغة مشتركة ومصطلحات تبدأ بتعلمها حين متابعة الإعلانات المبوبة، (ك.ز) تعني موظفة على كفالة الزوج، (ج) تعني جديد غير مستعمل، (ل.د.س) تعني للبيع بداعي السفر، وهذا الأخير خراط غالباً، هل فكرت في حياتك أن تبيع شيئاً لتسافر؟! إن مشاهدة الدنيا أمر جميل، لكن أن تعود إلى منزل خاوٍ هو أمر غير مشجع فعلاً!

خذ عندك هذه الجملة الجديدة التي أصبحت أقرؤها بشكل شبه يومي في الإعلانات المبوبة: «مطلوب فتاة راقية لسكن»، فتاة! راقية! إذا كانت صورة الفتاة الراقية التي في مخيلتي فلا أعتقد أصلاً أنها ستفتح صفحة الإعلانات المبوبة، لماذا اخترعوا «الخرفان» إذن؟!

مطلوب فتاة راقية لسكن، يا إلهي لم أتمنَ في حياتي أن أحضر «انترفيو» كما أتمنى حضور هذا النوع من المقابلات! ما الذي من الممكن أن تفعله فتاة لكي تثبت لصاحبة السكن أنها «راقية»، أعتقد أن جميع العقد النسائية ستسكب سكباً تحت أقدام صاحبة الشقة، من استخدام نبرة الصوت الشبيهة بنازك السلحدار في «ليالي الحلمية» إلى استعارة الثياب أو استئجارها للمقابلة، بالمناسبة هل تصدق أنني وقعت على إعلان مبوب لتأجير بدلة باليومي؟! عالم عجيب فعلاً، هل ستقوم الفتاة «الراقية» باستعراض معلوماتها فقط في «الماركات»، أم أنها ستحرص على أن تكون هي «ماركة» أثناء المقابلات، ما حاجتها إلى الإيجار بالشراكة إذاً؟ هل تقصد صاحبات الإعلان الرقي القبلي والعائلي؟! إذاً أين منزل العائلة، هل هو الرقي الفكري المقابل لقول أحدهم إنها فتاة «متحررة»، أكاد ألتهم نفسي فضولاً!

أخشى ما أخشاه أن تكون تلك الإعلانات مجرد الرديف اللاأخلاقي للنوع الآخر من الإعلانات التلفزيونية: «اسم فاكهة يمكن قراءته من الناحيتين اتصل واستلم خمسة آلاف يورو حالاً..!!».

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

الأكثر مشاركة