كل يوم

مصيبة «أشباه العلماء» على العالم الإسلامي

سامي الريامي

لنكن واقعيين، ونعترف بأن تسييس الدين هو إحدى أكبر المصائب التي تهدد استقرار دول المنطقة، واستغلال الدين الإسلامي لتحقيق مصالح خاصة، هو سبب الكوارث التي لحقت ببعض الدول العربية، وإن لم يعِ المسلمون ذلك في بقية الدول فخطر الانقسام والحروب والتطاحن غير بعيد عنهم، فالمتسلقون والمتلونون من أصحاب المصالح هم واحد في كل مكان، انكشفوا في كثير من الدول، ومازالوا يمارسون خداعهم في دول أخرى!

«أشباه العلماء» يلقون بالفتاوى يمنة ويسرة، وفق أهوائهم، وما يخدم تيارهم السياسي، فحرام اليوم يصبح حلالاً غداً، والمنهي عنه فجأة يصبح فرض عين، والثورة واجبة وضرورة شرعية على نظام معين، تتحول إلى كفر وإلحاد وخروج من الملة لو فكّر فيها الشعب نفسه على نظام آخر.

القتلة يقتلون باسم الإسلام، ويدعون للخراب باسم الإسلام، وينشرون الفتنة باسم الإسلام، وينتهكون الأمن والاستقرار باسم الإسلام، وكأن مجتمعاتنا كافرة، وهم الفاتحون، كل يزعم أنه على حق، وهو الأحق بنشر فكره، ويسعى للسيطرة على الآخرين باسم هذا الحق، وهم في حقيقة الأمر يتصارعون على المكاسب السياسية، والمصالح المادية، ويستخدمون الشباب لقتل بعضهم بعضاً، وينفذون مخططاتهم ميدانياً على الأرض بأشلاء هؤلاء الشباب، بعد أن يقنعوهم بإرسالهم إلى الجنة في الآخرة، ويفوزون هم بالسلطة والمال وجنة الدنيا!

مصيبتنا في «أشباه العلماء»، الذين تصدّروا المنابر، يلقون بالفتاوى يمنة ويسرة، وفق أهوائهم وأمزجتهم، وما يخدم تيارهم السياسي، فحرام اليوم يصبح حلالاً غداً، والمنهي عنه فجأة يصبح فرض عين، والثورة واجبة وضرورة شرعية على نظام معين، تتحول إلى كفر وإلحاد وخروج من الملة لو فكّر فيها الشعب نفسه على نظام آخر، استخفوا الناس، وتلاعبوا بهم، بالكلمات ذاتها، والآيات ذاتها يستخدمونها متى شاؤوا، وكيف شاؤوا، كأنهم وكلاء دين الله على الأرض، ولا حق لغيرهم في تفسير الدين خلاف تفسيرهم، بل لا أحد مسلم سواهم، والبقية لا علاقة لهم بالإسلام، وكل من يخالفهم هو محارب ومعادٍ للدين الإسلامي!

هم أساس الفرقة، وهم سبب الطائفية، وهم من يغذيها ويحركها، فمصلحتهم في ضعف الدول، وهدفهم تدمير الأنظمة، والصعود إلى السلطة، ليس مهماً بعد ذلك أي خراب يحدثون، أو تخلف يجلبون، وليس مهماً مصير الشعوب، وعودتها إلى عصور الظلام، وليس مهماً التنمية والتطوير الاقتصادي، ومجاراة العالم تقنياً، وليس مهماً التطور الحضاري، المهم وصولهم إلى السلطة، والسيطرة على العباد باسم الدين، وإصدار الفتاوى المتناقضة، لضمان بقائهم في السلطة، وتحقيق مصالحهم الشخصية، فهم أضعف من يكون لإدارة دولة، وأفضل من يكون في ممارسة الكذب والخداع والتضليل والتمويه!

إن من أهم مقومات تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة نبذ هؤلاء الذين تسببوا في الشقاق والحروب الطائفية التي مزقت أمتنا، وتعمدوا طمس الحقائق، وتغييب صوت العقل، وغرروا بالشباب، فانساقوا خلفهم من دون وعي، هم أشد خطراً علينا من أي عدو خارجي، ومن أي تحديات عالمية، فلا استقرار مع وجودهم، ولا أمن وهم يسعون لنشر الفتنة.

أثرهم السيئ تسبب في إيجاد حيرة وقلق لدى نفوس المسلمين، فكل فرد يشعر بكثير من الحيرة، وينتابه الغموض بعد ضياع الرؤية، ويجد نفسه ملتبساً قلقاً، ما يشكل ثقافة متأزمة في المجتمعات الإسلامية، وتالياً فلابد من أن تتصدى المجتمعات، والقادة، وصنّاع القرار، والمفكرون من العلماء الحقيقيين، والإعلاميون، للعمل على إزالة الغموض، وكشف حقيقة أشباه العلماء، والعمل لتدارك الأزمة الحقيقية التي يمر بها الفرد المسلم حالياً، ومن هنا ندرك الأهمية القصوى لانعقاد منتدى «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» العالمي، الذي يعطينا بصيصاً من الأمل، وسط ظلام دامس، تعمد أشباه العلماء نشره في العالم الإسلامي!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

 

تويتر