مزاح.. ورماح

عادي يا«سامورا»

أحمد حسن الزعبي

بنبرة منتكسة ونظرة خجولة قال لجماهيره: «أنا أعتذر من كل قلبي.. أرجوكم سامحوني».

**

عادي جداً جداً جداً.. صدقني الموضوع لا يحتاج إلى كل هذا الحجم من تأنيب الضمير، الاعتراف كفّى ووفّى، فلا ترهق نفسك بعبارات التذلل بعد اليوم يا «سامورا».. يبدو أنك مرهف الإحساس أكثر من اللازم، تعال وخذ دورة عندنا يا رجل! صفحة وطويت، مش مستاهلة، بكرة بينسوا، تعيش وتحكي لأولادك، وياما كسّر الجمل بطّيخ! وإذا رغبت فلديّ ذخيرة من ألف عبارة من عبارات «التهوين» وجبر الخاطر مازالت بحال الوكالة.

**

القصة بتلخيص شديد أن «المو.. موسيقار» الياباني «سامورا غوشّي» أثبت أن لكل امرئ من اسمه نصيباً فعلاً، عندما اعترف غوشّي قبل أيام بــ«غشّه» للجماهير على مدار عقدين من الزمان لقّب على أثرها بــ«بيتهوفن اليابان» واكتسح البلاد شهرة «وسيمفونيات».. حبيبنا «سامورا» وفي سيرته الذاتية العطرة كان يقول دائماً إنه بعد أن أصيب في الخامسة والثلاثين من عمره بالصمم التام واصل التلحين والإبداع لشغفه بالألحان حتى لو لم يسمعها، طبعاً كسب شهرة كاسحة بسبب هذه «الكُذيبة» المبرمجة على إعاقته، لكن الطامة الكبرى عندما اعترف قبل أيام بأن تلك الألحان ليس له أي فضل فيها، فقد كان يستخدم شخصاً آخر ليقوم بالتلحين، وهو يدفع له مقابلاً مجزياً نظير ذلك.. وفوق كل هذا الرجل لم يكن يعاني من صمم تام كما كان يدعي خلال عشرين سنة بل من صمم جزئي.

 

انكشف أمرك؟ فضيحة؟ يا رجل! يا رجل! من سمع مصيبة الناس هانت عليه مصيبته، على الأقل أنت كنت تخرج بـ«سيمفونيات» رائعة تطرب الناس وتزرع في قلوبهم الفرح والأمل، بغض النظر إن كانت من تلحينك أو تلحين غيرك، لا.. وفوق ذلك اعتذرت!

في الوطن العربي لدينا من يخرج بقرارات «تطرم» الناس وتثير في قلوبهم الفزع والألم منذ عقود، فإن كانت «السلفونيات» من «تلحيمهم» ينسبونها لغيرهم.. وإن كانت لغيرهم ينسبونها لأنفسهم.. ولا يعتذرون أبداً.

يا مستر «سامورا غوشي» أتعرف ما الفرق بينك وبينهم؟

أنت كنت تسمع وتدّعي الصمم الكلي..

هم يعانون من الصمم الكلّي.. ويدّعون السمع!

المصيبة الوحيدة فقط أن الجمهور في الحالتين مخدوع..

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

تويتر