«آنتي إمبريالية»

أحدث باب المقهى صريراً خفيفاً، عندما دخل الرجل، تقدّم خطوتين نظر إلى الطاولات فشاهد صديقه منزوياً خلف العمود الأوسط.. سلّم عليه وجلس.. وبدأ كلامه بشكل مباشر وسريع: «اسمعني جيّداً، قبل كل شيء أعتذر عن إصراري الشديد على لقائك، وأنا أعرف حجم انشغالك وضيق وقتك، لكنك تعرف جيّداً أنك أكثر شخص ممكن أن يفهمني ويتفاعل معي.. لذلك أرجو أن تضبط (رسيفر) تركيزك على ما سأقوله في هذه الجلسة.. إلى متى سنظل نتحدّث عن النهضة النهضة النهضة ولا نفعل شيئاً، بينما الإمبريالية الأميركية تتقدم وتنمو وتتورّم على حساب حريتنا وأوطاننا ووجودنا كأمة.. ألم يحن الوقت ليقوم كائن من كان في هذا العالم السفلي المسحوق بتعليق جرس التحرر والنهضة؟! يا أخي فليعلق الجرس وليمت بعدها ما المشكلة؟! في عجالة سأستعرض لك أبرز ما فعلته الإمبريالية الأميركية في شعوب العالم.. وقبل ذلك سأعرِّف لك الإمبريالية من باب الاحتياط! أنا لا أشكك في سعة اطلاعك.. لكن علّك تجد في التعريف، الذي سأسوقه إليك، مفتاحاً مختلفاً للحوار.. الإمبريالية باختصار هي الهيمنة المطلقة على الدول الأخرى، سواء بالقوة العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية، لذا فلن تسمح لأحد بأن يشاركها أو يزاحمها على زعامة العالم، وصفارة الشرطي، ولا بغلة التاجر.. هل فهمت صديقي؟ جميل.. منذ تكوينها وهي تتبع السياسة النفوذية التوسعية نفسها، هل تعلم أنها فور تأسيسها مارست حرباً ضد الهنود الحمر، وقامت بحرق محاصيلهم، وتدمير بيوتهم وتهجيرهم، وقتل ما يقارب 18 مليوناً منهم؟ كما أنها غزت نيكاراغوا والبيرو، في القرن الثامن عشر، وشنت عملية عسكرية على المكسيك وكولومبيا وهايتي، ونعرف ما عملته في هيروشميا، وكم عانى أهالي فيتنام احتلالها القاسي.. آآآخ ماذا أقول لك يا أخي عن هذه الإمبريالية الأميركية.. أتذكر يوم دخلت لبنان عام 1982، لمطاردة عناصر المقاومة الفلسطينية؟ وكيف أغارت على ليبيا؟ ودعمها اللامحدود للكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين وإدارة ظهرها لنا كعرب؟ تلك واحدة من صور الإمبريالية الأميركية، ولم أذكر لك حربها على العراق، وقصف ملجأ العامرية، واحتلال الرافدين لمدة 10 سنوات، وقتل آلاف الأطفال في أفغانستان، ودعم الصراعات هنا والقضاء عليها هناك حسب مصلحتها.. تلك المقدمة ذكرتها لك صديقي فقط لأقول لك إنني قادم بمشروع لتفكيك هذه الإمبريالية الأميركية.. مشروعي يحمل اسم «آنتي - إمبريالية» Anti-imperialist، وأحتاج إلى الشباب العربي المتحمّس الذي يحمل في داخله الحلم النهضوي مثلي ومثلك»!

يحضر الجرسون يقاطعه أثناء انفعاله..

الجرسون: عفواً.. شو بتحب تشرب سيدي؟

النهضوي: «أميركان كوفي» لو سمحت!

ثم يتابع مع صديقه: أين كنّا؟ آه نعم.. كنت أقول إن مشروعي هو مضاد الإمبريالية الأميركية أو «آنتي إمبريالية»، لكف هذا التوسّع الاقتصادي والعسكري والثقافي علينا يا رجل.. الجرس!! لابد من أن نعلق الجرس!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

الأكثر مشاركة