5 دقائق

احذر «ظاهرة المصعد»!

الدكتور علاء جراد

هل لاحظت يوماً ما يحدث داخل المصعد؟ ستلاحظ أن أنظار جميع الركاب في المصعد متجهة لمكان واحد وهو لوحة أرقام الطوابق، فيبدون كما لو كان لديهم هدف مشترك، وأنهم فريق واحد، ولكن الحقيقة أن لكل منهم وجهة مختلفة، كما أنهم لا يعرفون بعضهم بعضاً وقد لا يحاولون القيام بتعارف سريع. بل قد يحدث أيضاً أن تجد البعض قبل أن يستقل المصعد يتحدث مع أشخاص آخرين في الطابق ويضحكون، لكن بمجرد دخولهم المصعد يصمتون. تعد هذه الظاهرة مشكلة كبيرة في المؤسسات، حيث قد يعتقد الجميع أن المؤسسة لديها رؤية مشتركة وأن الجميع يسير في الاتجاه نفسه وللغاية نفسها وتكون الحقيقة غير ذلك. لكن المشكلة الأكبر أن يحدث ذلك في إطار أسرتك.. لذلك انتبه جيداً. قرأت بحثاً نشر أخيراً في بريطانيا مفاده أن 70% من الأسر لا يجلس أفرادها سوياً على الأقل لمدة ساعة يومياً، ووجدت أننا لسنا أحسن حالاً، فالجميع أصبح مشغولاً بداية بالأب ومروراً بالأم وانتهاء بالأبناء. حتى عندما يجلس أفراد الأسرة معاً فكل منهم مشغول ومنعزل مع هاتفه المحمول، أو مع نفسه، أي أنهم يجلسون في «المصعد»!

«الجميع أصبح مشغولاً، حتى عندما يجلس أفراد الأسرة معاً، فكل منهم مشغول ومنعزل مع هاتفه المحمول، أو مع نفسه، أي أنهم يجلسون في المصعد».

فاحرص على ألا تحدث «ظاهرة المصعد» مع أسرتك، واحرص أن تقضي الأسرة على الأقل ساعة يومياً معاً، بالإضافة إلى وقت مخصص لنهاية الأسبوع والإجازات. لقد تعلمت ممارستين رائعتين من أسرة دنماركية أقمت لديها في عام 2006، حيث كان أفرادها يحرصون على تناول العشاء سوياً مساء يوم الجمعة داخل البيت، وأن يقوموا جميعاً بإعداد العشاء بأنفسهم، فتجد العائلة كلها في المطبخ، والجميع مستمتع في جو من المرح، والممارسة الثانية هي أن يصطحب الزوج زوجته وأبناءه إلى العشاء مرة كل شهر، لكن كل فرد على حدة، ويختار الفرد المكان الذي يحبه ويقضي مع الأب ساعة أو أكثر في دردشة وأحاديث مختلفة، وقد تقتصر «العزومة الشهرية» على مشروب أو قطعة كيك، فليس بالضرورة أن تكون عشاءً كاملاً، فالأهم هو جودة الوقت ودفء اللقاء. لتلك اللقاءات الشهرية فوائد عظيمة، فهي تعطي طاقة إيجابية لكل أفراد الأسرة وتشعرك بأهميتك لأسرتك، وكذلك أهميتهم لك، كما تشعر الجميع بالدفء الأسري والحماية أيضاً. جربوها ولن تندموا! ولنتذكر حديث رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

حتى تعم الفائدة قمت باستحداث «هاشتاغ» (وسم) على «تويتر» هو «#ساعة_لأسرتك»، الغرض منه تشجيع المشاركين كي يرسلوا بأفكارهم حول كيفية إسعاد الأسرة وتخصيص وقت لها، ختاماً أتوجه بالشكر للقراء الكرام الذين علقوا على مقالاتي السابقة، خصوصاً مقال الأسبوع الماضي عن التركيز.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر