عمل الخير وأفضل الممارسات
عمل الخير منهج إسلامي راسخ، لحاجة المجتمعات إليه فلا تكون متآزرة إلا به، ولذلك كانت عناية القرآن الكريم به كبيرة، فقد أمر به المؤمنين ليفعلوه على وجه العموم، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فقرنه مع الركوع والسجود وعموم العبادة للتدليل على أنه ضرب من ضروب العبادة، فقد سيق مع جواهر العبادات وعمومها، فكان تخصيصاً بعد تعميم، وهو يدل على شدة الاهتمام به من الشارع الحكيم، والمخاطبُ بذلك عموم الأمة ممن يتأتى منه فعله، وجرى عليه قلم التكليف؛ لأنه خطاب بوصف الإيمان، وكما قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}، ففي هذه الآية دلالة على أن فعل الخير والدعوة إليه هو واجب الأمة بمجموعها، إلا أن الآية الأولى طلبت فعله من الكل، والثانية جعلت الدعوة إليه واجب البعض، وهو من يقدر على تحمل أعباء هذه الدعوة وتنظيمها، ويصبر على مشاقها وعنائها.
عمل الخير إن لم يكن قائماً على معايير الجودة والشفافية والتميز حتى يحقق أهدافه فسيبقى محل شك ولن يؤتي ثماره. |
وكل من الأمرين - فعله والدعوة إليه - بحمد الله قائم في هذه الدولة المباركة كأحسن ما يكون، برعاية مباشرة من ولاة الخير حكام الإمارات حفظهم الله، الضاربين بأطنابه المشارقَ والمغارب، حتى كانت دولة الإمارات، حرسها الله تعالى، الأولى عالمياً في العمل الإنساني بإنفاق فاق 5 مليارات دولار أميركي لعام 2013، فإذا انضم إلى ذلك ترقيته بأفضل الممارسات كان من كمال الحسن بمكان. وقد عرضت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري أفضل الممارسات التي تقوم بها بعض الجمعيات الخيرية فكانت محل إعجاب وتقدير، لأن عمل الخير إن لم يكن قائماً على معايير الجودة والشفافية والتميز حتى يحقق أهدافه فسيبقى محل شك ولن يؤتي ثماره، فكانت الممارسات المتميزة هي القائد الحقيقي ليكون عمل الخير رائداً، وهي لا تأتي إلا بجهد جبار وخبرة راقية، وقد أحسن الدكتور أحمد نصيرات عند ترؤسه الجلسة الثانية بإشارته إلى أهمية معايير التميز والحوكمة للعمل الخيري، ليكون هذا العمل صنو العمل الحكومي تميزاً وتطوراً.
إن الممارسات الراقية لعمل الخير تجعله محل ثقة أهل الخير، فيفعلونه عن طريق الجمعيات المرخصة والمؤسسات الرسمية وهم به مطمئنون.
وتجعله مقبولاً عند المستفيدين مع الشكر لخلوه من الإذلال والامتهان بل والامتنان.
وتجعله نموذجاً يحتذى لبني الإنسان في سائر البلدان.
وتجعله محصناً من الزور والبهتان، فكان من الأهمية بمكان أن يكون التميز شعاره، والحوكمة دِثاره.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .