مزاح.. ورماح
صندوق الشكاوى
وصل الدرجة الأخيرة من الدور الثاني منهكاً تعباً، أخذ زفيراً طويلاً ثم وقف في الطابور وبدأ يمسح عرق جبينه وخلف أذنيه برزمة محارم مستعملة.. ثم بقي ينتظر دوره على النافذة الدائرية مراقباً ذلك اللوح الزجاجي السميك الذي يسمح بالرؤية ويحجب الصوت بين المتعامل وصفّ الموظفين الممتد من رقم واحد إلى رقم ثمانية.. وأخيراً وصل إلى الكوّة المنشودة، كان الموظف رقم سبعة يجيب على رسائل «الواتس أب» بين المعاملتين.. مدّ صديقنا مجموعة من أوراق غير متساوية الأطوال وقال:
هذه المرّة الرابعة التي أعود بها إلى البيت لأحضر ورقة ثبوتية ناقصة، أرجو ألا تكون الخامسة على يدك.. قلّبها الموظّف سريعاً.. ثم وقف من مكانه متأهباً لمغادرة كرسيّه.. «حجّي وين الورقة اللي بتثبت انه ابنك بعده طالب جامعي؟ جيب ورقة من الجامعة بتثبت انه على مقاعد الدراسة وتعال»! ثم غادر الموظف دون أن يسمع تعليق المتعامل أو يلتقط ردة فعله.. أمطرت الرجل غيمة يأسٍ سوداء لجمته عن الإتيان بأية ردة فعل.. التفت حوله فوجد صندوقاً للشكاوى.. تناول نموذجاً مطبوعاً قد غرس على طرفها، ملأ الخانات المطلوبة، وكتب فحوى الشكوى ثم ملأ مربعات طرق التواصل معه، ثم أودعها الصندوق وغادر.
بعد ساعتين بالضبط وصله على بريده الإلكتروني الردّ التالي:
السيد فلان الفلاني المحترم..
إشارة إلى شكواكم المقدمة ظهر اليوم في تمام الساعة 12:22 دقيقة فقد اتخذنا اليوم قراراً سريعاً يقضي بالبدء الفوري لوضع مسوّدة مشروع ورقة عمل متعلقة بتشكيل لجنة خاصة لدراسة حيثيات جميع آليات المساهمة في تذليل عقبات العمل، وذلك من خلال تحضير جدول زمني دقيق لاستصدار مفكرة توضح الطرق العامة بتحديد الكيفية التي سنمضي بها من خلال مجلس معني ومختص لحل جميع المعوقات، التي تعرقل عملية تذليل العقبات التي تواجه المراجعين، وذلك من خلال إطار عام كمسودة مشروع سيعرض قريباً على اللجنة القانونية في الوزارة.. نشكر لتعاونكم وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
مع تحيات
الحكومة الإلكترونية
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .