اذ «كرونا» كل سنة مرة

أحاول جاهداً أن أصفّي نيّتي بأدق وأكفأ وأنعم المصافي النفسية، وأن أفكر بحسن نية تطابق أو تتفوق على حسن نيّة هيفاء وهبي، لكن للأسف كل ما أراه وأدقق فيه من أحداث حول العالم لا يمكن أن يكون بحسن نية مطلقة.

تذكرون معي موضة «جنون البقر» التي ظهرت وترعرعت في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وكيف دبّ الهلع في العالم أجمع من هذا المرض الجديد والخطير، فأعدمت الأبقار، وقوطعت اللحوم، وتضررت منتجات الألبان كلها خوفاً من المسّ البقري، مع أن المسّ البشري أخطر وأبشع.. ترى أين هو المرض الآن؟

ومن يحمل ذاكرة حديدية.. يذكر موضة «الحمى القلاعية» التي انتشرت وشاعت مباشرة بعد جنون البقر حتى أصبحت الشاغل الأكبر للعالم، ففي المملكة المتحدة عام 2001 فرضت الحكومة البريطانية قتل الكثير من الحيوانات، وإلغاء العديد من المناسبات الرياضية والترفيهية.. ترى أين هو المرض الآن؟

ومن يملك ذاكرة فضية.. يعرف أنه بعد جنون البقر والحمى القلاعية ظهر مرض الالتهاب الرئوي الحاد «سارس»، الذي بدأ في الصين وبعض مناطق شرق آسيا، وامتدت شائعاته إلى أميركا الشمالية، في ذلك الوقت تم التحذير من القطط المنزلية والحيوانات الأليفة، لأنها الناقل الرسمي والحصري لبث زكام وفيروسات هذا المرض.. حتى صار الإنسان الآسيوي في نظر العالم عبارة عن متّهم بــ«السارس» حتى تثبت براءته.. أين هو المرض الآن؟

ومن يملك ذاكرة ذهبية.. يعرف أنه بعد جنون البقر والحمى القلاعية وسارس ظهرت قصة «الجمرة الخبيثة» التي تنقل العدوى من خلال الجهاز التنفسي لدى البشر بأعراض تشبه الأنفلونزا وتستمر أياماً عدة، يليها انهيار شديد (وغالباً ما يكون مميتاً) في الجهاز التنفسي، طبعاً الماعز والأبقار والأغنام هي الوكيل والموزع المعتمد للجمرة الخبيثة في العالم.. أين ذهب المرض الآن؟

ومن يملك ذاكرة بلاتينية.. يعرف أن موضة أنفلونزا الطيور جاءت في عام 2004، وهو ذلك المرض الذي ينتقل من الطيور إلى الإنسان مسبباً أعراضاً ومشكلات تنفسية قاتلة، تلتها بعد ذلك أنفلونزا الخنازير، وأخذت مجدها عام 2009.. ويحق لنا أن نتساءل: أين أنفلونزا الطيور والخنازير الآن؟

الآن سوق «الكورونا».. برأيي الشخصي هي إحدى حلقات المسلسل المرعب الطويل «اعطس وافطس»، وهي واحد من الأعمال الكاملة التي يروّج لها بين الفترة الثانية من قبل «لوبيات» الإعلام العالمي، وشركات الأدوية والأمصال، وربما تديرها صراعات غذائية واقتصادية كبرى تتنافس في اقتحام الأسواق العالمية وإرهاب البشرية من منتجات محددة.

طيب، لماذا لا تأتي الفيروسات إلا من أطعمتنا، مثل البقر والأغنام والماعز والإبل والطيور، وحتى الخنازير (بالنسبة للغرب)؟ لماذا لا نسمع عن أنفلونزا التماسيح مثلاً؟

بالتأكيد نحن لا ننكر وجود «الكورونا» أو سابقاته، لكن التهويل من «كورونا» والفزع العالمي مبالغ فيه بشكل كبير جداً، فالصيت أكبر من الفعل الحقيقي لهذا المرض المسكين.

سؤال: كم حالة وفاة للكورونا في الوطن العربي؟ ألا نفقد يومياً المئات والآلاف؟ إن تصادم حافلتين، أو تفجيراً مفخخاً، أو قصفاً منظّماً، يقتل أضعاف ما ستقتله الكورونا لمدة قرن كامل.

فيروس التطرّف، وفيروس الاستبداد أكثر خطورة وفتكاً من فيروس «العطاس»!

لا تفزعوا إلا من أنفسكم!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة