5 دقائق

المرأة والمجتمع

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

للمرأة مكانةٌ في الإسلام لا تعرف في غيره من ديانات سماوية أو شرائع وضعية، فهي صنو الرجل في الإنسانية، وشقيقته في الحياة الاجتماعية، فهي الأم والزوجة والبنت والأخت.. وفي كل حالة لها من التقدير ما يفوق ما للرجل في النفس والمعاملة، فمن لا ينظر إلى أمه نظرة قداسة، أو إلى ابنته نظرة حنان وعطف، أو إلى زوجته نظرة مودة ورحمة، أو إلى أخته النسبية أو الوطنية أو الإسلامية أو العربية أو غيرها نظرة تقدير واحترام؟!

«نعم المرأة تشارك في التنمية، وتشارك في البناء، فالحاجة إليها ماسة لتكون مدرسة وطبيبة وممرضة وموظفة إدارياً أو فنياً، أو تاجرة».

الكل يرى المرأة بمثل هذه الحالات، بينما الرجل لا يُرى له شيء، ما قد يجعله يشعر بالغبن، كل ذلك لأن الإسلام أولاها عنايته لضعفها الفسيولوجي، ولحرصه عليها حتى تكون أماً مثالية، تنشئ جيلاً يكون عليهم المعول في الحاضر والمستقبل، فهي البانية حقاً، وهي المعلمة صدقاً، وهي مصدر السعادة للإنسان، فليست المرأة في نظره تلك التي تكدح لتنفق، فلذلك الرجال الأقوياء الأسوياء، ولا التي تحمل الأعباء، فإن لديها من الأعباء ما يكفيها.

نعم المرأة تشارك في التنمية، وتشارك في البناء، فالحاجة إليها ماسة لتكون مدرسة وطبيبة وممرضة وموظفة إدارياً أو فنياً، أو تاجرة، فقد تعرف ما لا يعرفه غيرها، لا لأن تحمل أثقالاً مع أثقالها، فذلك ليس من العناية بها، ولا من الإكرام لها، بل هو غاية في امتهانها، وهو تعطيل للتنمية البشرية الحقيقية التي تحتاجها الأمة، فرأس مال الأمة الأكبر هو الإنسان النافع الذي يتخرج من المدرسة الأولى «وهي الأم» صالحاً لنفسه ووطنه.

المجتمع لا يكتمل إلا بإسهام المرأة في ميادين مختلفة، ولكن بما تقدر عليه مع النظر إلى المستقبل ومقتضياته، فليس من العدل أن تكلف المشاق كما يكون من الرجل الذي لديه من القدرة الجسدية ما لا يوجد مثله عندها، فلتُسهم ولكن بلطف، ولتخرج ولكن بعفة، ولتنفق ولكن من غير تكليف، ولتنل المناصب العالية والمتوسطة ولكن مع النظر إلى خصوصيتها، وفوق ذلك كله لا ننسى أنه لا ينتج الثروة الحقيقية ولا يؤهلها إلا هي، فكل إسهاماتها الأخرى هي قليلة بجانب هذا الإسهام العظيم، وقد أُغفل من التشجيع حتى كاد ينسى، فلابد من أن ينال حظه الرسمي والشعبي بما يليق به حتى يُؤتي ثماره، كما أتى في كل ميادين العمل التي تسهم فيها بتميز.

فلتُعطَ من التيسير في أعمالها زماناً ومكاناً ما يحقق هذا الهدف الاجتماعي الكبير، فهذه النظرة الوسطية التي لا إفراط فيها ولا تفريط، وإلا فإننا سنكون قد جنينا على المجتمع بعملها أكثر مما أفدناه.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر