لماذا لا يقطع «فيفا» الشك باليقين

لا أدري إلى متى ستستمر حكاية الأصوات وحزاويها المتتابعة بعد التصويت على منح حقوق البطولتين المقبلتين لكأس العالم، ولا نعلم متى ستهدأ الساحة الكروية العالمية من هذا الصداع وتطوي صفحته إلى غير رجعة، إذ لا تمر مناسبة إلا ويتم التطرق إليه، ويتم تناوله بشكل رسمي من قبل المتصيدين والمتربصين الذين يبحثون عن منافع ومكاسب لا تعد ولا تحصى، بسياسة لي الذراع التي يمارسونها حتى يصلوا إلى ما يخططون له، فكيف بمؤسسة بقامة «فيفا» ونفوذها لا تستطيع الرد وقطع الشك باليقين، وإلجام تلك الأصوات التي لا تكف عن الاتهام والطعن في الذمم ليل نهار، وهو ما يجعلنا نقف أمام قناعتين، إما أنهم على صواب وحق وأدلتهم دامغة وثابتة على المتهمين، أو أنها تمثيلية ولعبة يقودها الكبار في الوقت الضائع من أجل تشكيل مزيد من الضغوط والتضييق على هاتين الدولتين، خصوصاً قطر، فلعابهم لايزال يسيل وينتظر ما يجففه، فقد باتت مناورة واضحة يقودها ربان اللعبة السيد بلاتر، الذي وزع الأدوار بين فريق عمله ومن معه من خلال مهام معينة، كلٌ يؤديها باتقان وحرفنة من أجل الوصول إلى المشهد الأخير.

«الطواحين الهولندية صارت كابوساً مزعجاً لجماهير إسبانيا بعد الهزيمة القاسية».

«يبقى اليابانيون مختلفين في كل شيء، ولهم بصمة في كل مكان».

ولا عجب حينما يتلون تصريح أمينه العام بين الصباح والمساء بتغيير المواقف وتبدل الآراء، ثم تأتي خلفه المجموعة الأوروبية التي أعلنت رفضها ترشح بلاتر لولاية خامسة، وهي تعلم في قرارة نفسها أن ذلك لا يهز شعرة في إمبراطورية زعيم «فيفا» الذي تغلغل نفوذه في كل شبر وركن من هذه المؤسسة التي أصبحت رمزاً للفساد وتبادل المصالح. ولو سلمنا جدلاً بأن هناك رشى ومبالغ دُفعت وقتها، فهل تعتقدون أنه سيسكت ويغض الطرف عنها دون أن يكون له نصيب منها؟

بالتأكيد لا، فهذا يهز الرأس وذاك يرقص، فهي لعبة كبيرة من أراد أن يلعبها فعليه أن يتحملها ويتقبلها بكل حالاتها، كون اللعب أمام «فيفا»، الفائز فيها معروف قبل إطلاق صافرة البداية!

حقاً كانت هزيمة مذلة وخسارة قاسية هزت العالم بأسره بعد سقوط المنتخب الإسباني، بطل النسخة الماضية، بخماسية من الأهداف أمام فرقة الطواحين الهولندية التي طحنت الماتادور، ولقنته درساً لن ينساه أبداً، فقد صار كابوساً مزعجاً لجماهيره التي خرجت باكية من المدرجات، وبغض النظر عن أي نتيجة أخرى، فذلك لن يقلل من وقع تلك الهزيمة القاسية. وكم كنت مشفقاً على الكبير ديل بوسكي الذي لا أظن أنه نام في تلك الليلة، إذ بدا الألم قد عصر قلبه والحزن كسا وجهه، رغم أنه يتحمل جزءاً من مسؤولية هذه الخسارة التي أذلت فريقه وجرعته علقماً، بعد أن اعتمد على أسماء تشبعت بالبطولات ولا تملك الجديد لتقدمه، وفي الوقت نفسه كان خط الدفاع شارعاً مفتوحاً للهولنديين روبن وفان بيرسي اللذين تلاعبا ببيكيه وكاسياس، ويا لها من ليلة سوداء عاشها النجمان، اللذان يبدو أن نجمهما قد بدأ بالأفول، لذا نقول إن الكرة لا تعرف كبيراً أو بطلاً بقدر ما يكون للعطاء والتركيز والرغبة دور في الأداء، الذي يعد سلاحاً ذرياً في عالم المستديرة!

أخيراً يبقى اليابانيون مختلفين في كل شيء، ولهم بصمة في كل مكان، فرغم خسارة فريقهم في الجولة الأولى، إلا أن جماهيرهم قدمت درساً لجماهير العالم، عندما أصرت على تنظيف مقاعدها في المدرجات، وهي في طريقها للخروج رغم مرارة الخسارة، لكنهم سيظلون منظمين أينما كانوا، فهو سر نجاحهم الذي عجز الآخرون عن الوصول إليه. ومن اليابانين يا عالم تعلموا!

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة