كل يوم
السخرية في التوظيف محرّمة!
كلمات قليلة، لكنها تفتح ملفاً شائكاً ومحزناً، نشرت في زاوية «سكيك» في الصفحة الأخيرة من «الإمارات اليوم»، عدد الأحد الماضي، تحت عنوان «بنك» تقول: «أرسلت مواطنة سيرتها الذاتية إلى مسؤول التوظيف بمصرف نور الإسلامي في دبي، عبر البريد الإلكتروني، لكن المسؤول سألها عبر تطبيق الـ(واتساب) عن عملها في هذه الفترة، فأجابته بأنها لا تعمل، فرد عليها (إذن استمتعي بإجازتك)»!
ما لم تذكره الزاوية أن هذا المسؤول أنهى الحوار السابق بإضافة رمز السخرية في محادثات الـ«واتساب» (الوجه مع إخراج اللسان) لهذه المواطنة، ما يثير أكثر من علامة استفهام حول جدية البنوك في تعيين المواطنين، وحول نوايا مسؤولي التوظيف في القطاع الخاص بشكل عام، خصوصاً إن كانوا من جنسيات أخرى!
«لا شك في أن التصرف أكثر سوءاً لأنه كان موجهاً إلى مواطنة تبحث عن فرصة في بنك وطني». |
بداية لست ضد تولي الأجانب المسؤولية في القطاعات المختلفة، بل أحترم وأقدر كل من يعمل في الدولة، ويبذل جهداً في تطوير العمل، مهما كان موقعه، وسنظل في دولة الإمارات بحاجة إلى الكفاءات من مختلف دول العالم، في مجالات عدة، فالإمارات واحدة من دول العالم الراقي، التي لا يشعر فيها أي إنسان بالتمييز بسبب لونه أو جنسه أو دينه أو جنسيته، والبقاء دائماً للأكفأ والأصلح، لكن أن يصل الأمر إلى قلة مهنية، وقلة احترام لمن يطلب وظيفة، فهذا أمر آخر، ولا شك في أن التصرف أكثر سوءاً لأنه كان موجهاً إلى مواطنة تبحث عن فرصة في بنك وطني!
بداية كان يفترض من هذا المدير أن يتبع السبل الرسمية في التواصل مع المتقدمين إلى الوظائف، والـ«واتساب» لا يعتبر من هذه الوسائل، وإن تجاوزنا هذه النقطة، فهناك ما هو أهم منها، وهو احترام المتقدم إلى الوظيفة، مهما كانت حالته، أو درجة ومستوى الوظيفة المراد شغلها، فهذه النقطة تحديداً هي من أبجديات وأساسيات العمل، خصوصاً في مجال الموارد البشرية، فلابد من احترام كرامة الإنسان، ووضعه، وظروفه، وعدم التطرق معه لأي موضوع خارج الإطار الرسمي، إن كان في هذا الموضوع ما يجرح شعوره أو أحاسيسه، إضافة إلى اللباقة وحسن الرد في جميع الأحوال، في حال القبول أو الرفض، فيجب أن يكون الاحترام سيد الموقف، لا أن تكون الردود مملوءة بالسخرية اللفظية والحركية. والاستهزاء، وإن كان بالإيحاء، يعتبر من المحرمات في عرف وقوانين العمل.. إنه بالفعل عمل ساذج قبل أن يكون غير مهني على الإطلاق!
لا مانع أبداً من الاعتذار عن عدم توظيف أي شخص، إن كانت مؤهلاته أو إمكاناته لا تتناسب مع الوظيفة المطلوبة، وتوظيف الأفضل سياسة لا نختلف عليها، لكن شريطة أن يحصل كل متقدم على فرصة كاملة لإثبات جدارته، وأن يحصل على رد سريع على طلبه، بالقبول أو الرفض، مع إبداء أسباب الرفض، حتى يستطيع تطوير مهاراته، وفي كل هذه الأحوال يجب أن يسود الاحترام والرقي التخاطب مع المتقدم إلى الوظيفة، في كل المراحل، هذا هو أساس عمل الموارد البشرية في مجال التوظيف.
لا أريد تضخيم الموضوع وتعميمه، وترديد ما يشعر به كثير من المواطنين في القطاع الخاص بشكل عام، والبنوك تحديداً، لكن مثل هذا الأمر يجب ألا يمر دون تدخل من إدارة البنك، فمثل هذا المسؤول واجهة لاسم البنك وسمعته، وبما أن بنك نور الإسلامي من البنوك الرائدة في الدولة، فعليه أن يختار موظفيه بعناية فائقة، ومن الواضح أصلاً، من خلال هذا الموقف، أن هذا المسؤول لا يملك أساسيات العمل في إدارة مهمة مثل إدارة الموارد البشرية، وربما سلوكه هذا لم يكن الأول من نوعه، ما يعني تفويت الفرصة على البنك لتعيين الكفاءات بشكل عام والمواطنين بشكل خاص!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .