مزاح.. ورماح

عصافير كثيرة

أحمد حسن الزعبي

تعتبر مدينة استوكهولم من أكثر مدن العالم صداقة للبيئة، وأقلها ضجيجاً، وأكثرها تنظيماً، فمع دخول الصيف العاصمة السويدية يتوسّع استخدام الدراجات الهوائية بشكل لافت، حيث تجتاح آلاف الدراجات المدينة، ضمن استخدامات التنقل اليومي، محتلة المرتبة الثانية بعد هونغ كونغ في الاعتماد على هذا النوع النظيف من المواصلات.

ركوب الدراجة وتحريك الساقين على «الدواستين» ليس شيئاً صعباً، كما أنه ليس مستهجناً، كما هي الحال في بلادنا العربية، فجزء من ثقافة المجتمع السويدي ركوب الدراجة والتنقّل بها، حتى لو كان الراكب مدير شركة أو وزيراً أو نائباً برلمانياً أو سيدة مدعوة إلى حفل زفاف، فلا ارتباط بين الدرّاجة و«قلة الهيبة»، كما هي الحال عندنا، على العكس تماماً، فهي تعتبر المكمل الأساسي للهيبة السويدية، التي تُعنى بالصحة والبيئة والهواء النقي، وتخفيف الازدحام، وترتيب ما سبق يتفاوت من شخص لآخر، وأحياناً تتساوى بين السويديين.

نائب عمدة استوكهولم، بيير أنكيرسيو، لا ينتظر «الفورويل» ولا السائق الحكومي ليزمّر له من أمام قصره، كما لا يتباطأ بخطواته ليفتح له المرافق الباب الخلفي من السيارة المكيفة، إنما، فور خروجه من منزله، يفكّ جنزير دراجته، ويمتطيها «بالبدلة والربطة»، ويضع في «الشبك» حقيبة العمل، ويتوجّه إلى مكتبه في مبنى البلدية القريب من وسط العاصمة.

يقول بيير ــ على ذمته ــ إن ركوب الدراجة وسيلة صحية وسريعة للتنقل، وأحياناً تستخدم لعقد اجتماعات خارج المكتب، كما أن ركوب «البسكليت» يتيح له الإجابة لمن يرغب في السؤال عن أمر ما، أو التحدث في السياسة العامة للبلاد، أو محاورة المارين على درّاجاتهم.

هنا، إذا ما قرر عشرة «درّاجين» أن يُجروا سباقاً أو تدريباً على طريق خارجي، لحقت بهم سيارة إسعاف وفريق طبي، لأنه حسب الخبرة العربية، لابدّ أن يهوي عليهم أحد «الحبايب» بصهريج نضح أو «تريلا»، و«يشيل» منهم ما استطاع إليه سبيلاً،

ترى كم فائدة جنى السويديون من استخدام الدراجات الهوائية؟! صحّة المواطن، ونظافة البيئة، وتوفير الطاقة، وتخفيف الاختناقات، ومحو الطبقية، ومساواة المسؤول بالمواطن.

أرأيتم.. هذا الفرق بين «سويديي الطباع» و«سويديي الوجه»!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر