لا تغلق الباب.. دعه موارباً

من منّا لا يحتاج إلى التفاوض؟ التفاوض على الراتب والمزايا عند التوظيف، التفاوض مع العملاء والمورّدين، وحتى في المنزل مع الأهل، والتفاوض فن وعلم يجيده البعض بالفطرة، والبعض الآخر يتعلمه بالخبرة والتدريب، والبعض لا يجيد التفاوض ولن يجيده، نظراً لطبيعة شخصيته، فالشخصية لا تتغير.

«من المهم أن نترك خط رجعة في التفاوض، وحتى في الخصام مع الآخرين، لأنه ببساطة لا يوجد صواب بحت أو خطأ بحت على طول الخط».

سنتناول هنا مبدأً واحداً من مبادئ التفاوض يتعلق بالمرونة وترك «خط رجعة»، فمن المهم أن نترك خط رجعة في التفاوض، وحتى في الخصام مع الآخرين، لأنه ببساطة لا يوجد صواب بحت أو خطأ بحت على طول الخط. فالأمور الحياتية تحتمل اختلاف وجهات النظر، وبالتالي لا يجب إغلاق الباب في النقاش، ولا أقصد التخلي عن المبادئ فنكون مثل بعض الساسة الذين يعتنقون مبدأ «هذه مبادئي، لكن إذا لم تعجبك فلديّ مبادئ أخرى». ما أود التركيز عليه هنا هو عدم إغلاق الباب نهائياً، بل يجب أن ندعه موارباً أو باللهجة المحلية في الإمارات «ملايم»، وفي حالات الخلاف والخصام لا يجب المغالاة في الخصومة، لأننا ببساطة قد نكتشف لاحقاً أننا كنا الطرف المخطئ، ومن شاهد الفيلم العربي لعزت العلايلي «البريء والجلاد» سيعرف ما أعنيه، حيث انتقم بطل الفيلم من أناس اكتشف لاحقاً أنهم أبرياء.

ولقد نهى الإسلام عن الفجر في الخصومة لأنها إحدى خصال المنافقين، وفي الحديث أيضاً «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ»، ويؤدي الفجر في الخصومة إلى التحاسد والتباغض والمقاطعة، وقد تكون قطيعة أرحام، ويؤدي الإمعان في الخلاف إلى الكبر والاستعلاء والحياد عن الحق، لذلك فالاعتدال فضيلة، فلنسلك دائماً مسلكاً وسطاً. لقد كان معاوية بن أبي سفيان حكيماً لا ينساه التاريخ بمقولته الشهيرة: «لو كان بيني وبين الناس شعرة ما قطعتها، إذا شدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها شددتها».

لنتذكر أن أعداء الأمس قد يصبحون أصدقاء اليوم، وأصدقاء اليوم قد يصبحون أعداء الغد، وكما ذكرت في مقال الأسبوع الماضي «لا ثابت إلا التغير». لقد تعلمت هذا الدرس من الدكتور سيد جاد، أستاذ إدارة الأعمال بجامعة قناة السويس، في بداية دراستي في الجامعة منذ ما يزيد على ربع قرن «لا تغلق الباب، دعه موارباً».

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة