عتبي على «مارك»
لا شك في أنه شعور سيّئ أن تسرق سيارتك، ومفاتيحها في جيبك، حيث لا تعود أي فائدة من المفاتيح إلا «لتنكيش الأذنين» أو تزيين الميدالية لا أكثر، لكن الشعور الأقسى من ذلك كله، أن تسرق سيارتك، وأن يبالغ سارقها بالمرور أمامك ذهاباً وإياباً، كل لحظة يحمّل فيها ما هبّ ودب من بضائع وركاب، من دون أن تستطيع إيقافه أو القبض عليه أو استرداد حقك المستلب!
***
لا أحد ينكر أن «مارك زوكينبرغ» أحدث ثورة هائلة في العالم، من حيث التواصل الـ«فيس بوكي»، فلم يبقَ شاب أو شابة أو عجوز زعيم أو معدم إلا وأغراه هذا الموقع الكبير الذي يصلك بالعالم في «كبسات»، ولا شك في أن الفريق الفني الذي يعمل تحت إشراف «مارك» بذل جهداً غير عادي ليجعل موقع التواصل الأول في العالم غير عادي أيضاً، فمن الإعجاب إلى التناقل عبر الصفحات إلى التعليق إلى الحجب إلى التنبيه إلى الرفض إلى الصداقة، كلها جعلت منه موقعاً تفاعلياً بكل ما تحمله كلمة التفاعل من معنى.
لكن عتبي على «مارك» أنه حتى اللحظة لم يجد حلاً للصفحات المنتحلة أو المسروقة، فقد قرأت تنويهاً قبل أسابيع للداعية محمد العريفي ينبّه فيه قراءه إلى أن ثمة صفحة تحمل اسمه وصورته، وبها نحو أربعة ملايين متابع، تبث مواقف وإفتاءات ليست له، وإن من أسسها ينتحل اسم وصفة الداعية ويبث ما يريد، وقد نبّه أن صفحته الحقيقية والرسمية فيها نحو 12 مليون متابع، راجياً توخي الحذر! بالمناسبة هناك زعماء دول وصورهم ورجال أعمال وفنانون وإعلاميون تُنتحل أسماؤهم وصفاتهم، وتُكتب الصفحة الرسمية لفلان، مع أنها قد أنشئت من خلال متسلقين يرغبون في كسب متابعين على ظهر الشخصية العامة. أنا شخصياً أعاني الموضوع نفسه، فهناك أربعة حسابات مزوّرة تحمل اسمي فيها عشرات الآلاف، حساب يدّعي أنه صفحتي الشخصية، واثنان آخران يحملان اسمي مع فارق في كتابة الاسم بهمزة على حرف الألف بــ«أحمد» أو من دونها، وثالث يحمل عنوان زاويتي، ولا أستطيع أن أسيطر عليها أو أوقف ما يكتب فيها، الطريف في الأمر أن إحداها تنشر أخباراً و«بوستات» تدلّ على أنني يساري متطرف، والثانية تظهر أنني يميني «متشدّد»، أما الثالثة فلا تتوانى عن شتمي في كثير من الأحيان، فكيف تكون صفحتي الرسمية وتشتمني؟! المفارقة المضحكة المبكية أني كتبت على صفحتي الرسمية التي أملكها قبل شهر، أنها «الصفحة الرسمية المعتمدة والباقيات مزورات»، فكتبت جميع الصفحات المزورة بعد دقائق العبارة نفسها، بأنها «الصفحات الرسميات لي والأخرى هي المزوّرات»، حتى صرت أشك في نفسي. المسألة كما قلت صارت تماماً مثل سرقة السيارات، ترى حسابات وهمية أو مسروقة و«مقرصنة» تحمل اسمك أو أسماء مشاهير، تمر أمامك ذهاباً وإياباً، وتحمل ممنوعات تارة ومشبوهات تارة أخرى، ولا تستطيع إيقافها أو القبض على مستخدمها أو استردادها، بعد أن غيروا «سويتش الدخول كله ورقم الشاسيه»، فماذا عساك أن تفعل؟
الحسابات الـ«فيس بوكية» باتت تحتاج إلى بطاقة ملكية وسند تسجيل، تماماً مثل «ملكية المركبة والعقار»، وعتبي على مارك لأنه لم يحل هذه «اللخبطة» ولم ينتبه إلى خطورتها، رغم تفوّقه في كل شيء.
زبّطها مارك بيك!
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .