مزاح.. ورماح
شفة العتب!
يبدو أن «لولو السويعاتية»، تلك الشخصية المسرحية الجدلية التي تقمّصتها الفنانة فيروز في مسرحية «لولو»، لم تكن الأنثى البريئة الوحيدة التي تقضي أكثر من 15 سنة في السجن بسبب كذبة صغيرة افتراها عليها أحدهم، الأميركية «سوزان ميلين» هي الأخرى مثل «لولو»، فقد دينت في عام 1998 بقتل زوجها، وقضت في السجن أكثر من سبعة عشر عاماً محبوسة بين أربعة جدران وأكثر من مائة قضيب ظلم وظلام، ليفرجوا عنها قبل أيام بعد أن اكتشفوا أن السيدة التي شهدت ضدّها في القضية يعرف عنها «الكذب»، ففتحوا الأقفال وقالوا لها «نعتذر»! لكن هل تكفي كلمة «نعتذر» لإيقاف نزف العمر الذي هرول وحيداً في مكانه بالسجن؟
عود على بدء، «لولو السويعاتية» في مسرحية فيروز، التي تشبه قصتها قصة «سوزان ميلين» إلى حد كبير، اتُّهمت باطلاً هي الأخرى بقتل أحد أفراد الضيعة، وشهد الناس كلهم ضدّها، وعندما اكتشف القاضي أنها بريئة بعد 15 سنة، وبعد أن ألقوا القبض على الفاعل الحقيقي، أطلق سراحها بكل بساطة مع كلمة «نعتذر»، لكن «لولو» حملت حقداً كبيراً لكل الذين تخلّوا عنها أو أسهموا في أخذ قياس التهمة لــ«تلبيسها»، لذا وفي أول يوم خروج لها من «الحبس» أشاعت بين أهالي الضيعة أنها «دفعت من عمرها سلفاً 15 سنة» ولابد أن تقتل أحدهم»، اضطربت الضيعة بكامل أركانها، منهم من بدأ ينافق لها، ومنهم من بدأ يفكر في الخلاص منها، لكن أحداً منهم لم يفكر في مصارحتها أو ضمّها إلى قلبه مكفّراً عن تقصيره، في ختام المسرحية انسحبت «لولو» للعيش مع جدها وغفرت للجميع!
ليست «لولو» ولا سوزان أول بريئتين تسجنان من أجل كذبة! فلسطين سيدة الشرق وأم الثائرين هي الأخرى تقضي محكوميتها منذ سبعين سنة من أجل كذبة، منذ سبعين سنة «محبوسة» وراء قضبان الظلم والظلام من غير تهمة أو أدلة أو قرائن، منذ سبعين سنة لا تشرق الشمس عليها ولا تطير النوارس إليها ولا تفوح رائحة البرتقال إلا من شباك المعبر ونقاط التفتيش، فلسطين منذ سبعين سنة وهي ترفو ثوب عروبتها بجديلة صبرها من أجل كذبة «أرض الميعاد» التي افترتها كل الأمم محاباة لشعب «اللمم»، ماذا لو عادت فلسطين من سجنها كما عادت «لولو السويعاتية»، بعد أن دفعت سبعين سنة سلفاً من عمرها؟ ماذا عسانا أن نقول لها؟ ماذا عسانا أن نبرر ووتر الحزن ممدود على شفة العتب.. من عكا إلى النقب؟!
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .