5 دقائق
الأغاليط في وسائل الاتصال الاجتماعي
بقدر ما كانت وسائل الاتصال الاجتماعي نافعة، فإن ضررها أكبر من نفعها؛ لما يُبثُّ فيها من الغثّ، وما ينشر فيها من الباطل، وما يشوش بها على الناس، دليل ذلك ما حدث هذه الأيام من نشرٍ لمقاطع لمن يشككون الناس في ثوابت السنة، وما عليه عمل الأمة في مسألة صيام يوم عاشوراء، وفضل هذا اليوم، ولا أريد بيان ذلك في هذا المقال؛ لأن علم ذلك لعله ضروري عند الناس، أي أنه لا يخفى على أحد، فهو موروث عملاً وإن لم يكن لدى كثير منهم علم، إنما أريد أن ألفت نظر الناس إلى حسن الاستفادة من هذه الوسائل، التي يسرها الله تعالى للناس لينتفعوا بها، فلا يستخدموها في نشر الأغاليط، فضلاً عن الأكاذيب ونحوها، فإن من ينشر ذلك هو شريك في الإثم مع القائل، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حدَّث عني بحديث يُرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبِين»، لأنه لولا نشره لمات الكذب في وكْره، ولم يَعْدُ قائله، وقد كان السلف يقولون: أميتوا البدعة بتركها، ولو أن الناس لم ينشروا هذه المقاطع لم يتجرأ أولئك المغرضون أو الجاهلون على نشر أغاليطهم بين الناس، لكن لمّا وجدوا من يخدمهم من غير رويَّة، تجرؤا وتعالموا وتفيهقوا وأتوا بما لم يأتِ به الأولون، جرأة على الله تعالى ورسوله، واتباعاً لشهوة الشهرة، أو طلباً للتكسب، أو إفساداً للناس، وقد يكون من يبث هذه المقاطع حَسَن ظن بالقائل إذا كان متشبهاً بالعلماء، وحسنُ الظن مطلوب ولكن على أساس معرفة القائل، لأن أكثر الناس لا يعلمون، وقد كان محمد بن سيرين، رحمه الله تعالى، يقول: «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم»، لأن أمر الدين جدُّ خطير، فإن الناس إما يفعلون الممنوع، حراماً كان فما دونه، أو يتركون المطلوب واجباً كان فما دونه، بسب تلك الكلمة التي لعل قائلها لم يلق لها بالاً، فيهوي بها في جهنم، لتقوِّله على شرع الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
«يا معاشر المغرِّدين، اتقوا الله في ما تقولون أو تكتبون». |
فيا معاشر المتواصلين، تروَّوْا في تلقيكم وترسالكم، فإن الحال كما قال الأديب قبلُ: فما آفة الأخبار إلا رواتها.
ويا معاشر المغردين، اتقوا الله في ما تقولون أو تكتبون
فلا تكتب بكفك غير شيءٍ يسرك في القيامة أن تراه
وتأملوا قول الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، ففيه عبرة ومزدجر.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي