مزاح.. ورماح

«صحان أزرقان..!!»

عبدالله الشويخ

لا تقل لي إنك لا تهتم بهذه الأمور، وترى نفسك أكبر منها! لأنك تعرف جوابي مسبقاً: «طاخ»! أنا وأنت والجميع أصبحنا نعيش نمط حياة جديدة بالكامل، شئنا أم أبينا، كابرنا أم اعترفنا، فالحي ليس حيّاً إن لم يكن لديه «واتس أب»، والسجين ليس سجيناً إن سُمح له باستخدام الـ«واتس أب»، لذا فقد كانت قضية الساعة في الأيام الماضية، هي ذلك التحديث الجديد الذي سمح لمرسل الرسالة بأن يعرف هل قرأت رسالته، و«طنشته»، «لبسته» في بعض الروايات، أم أنك لم تقرأها أصلاً؟! مئات التحليلات وآلاف التعليقات حول هذا الموضوع، منها ما هو ساخر بطبيعة الحال، ومنها ما هو جاد جداً. بعد خبر «الصحين الأزرقين» رأيت أحدهم يضع يده على جبهته، وينظر إلى السماء، وهو يقول: «حسبي الله ونعم الوكيل! اللهم أجرني في مصيبتي»، وهو الذي كان قبل ثوانٍ يشاهد خبر إيقاف الصلاة في مسجد القبلة الأولى، وهو «يفصفص اللب»!

هناك حلقة مفقودة في شفافية تعامل العربي مع الآخر، سوء الظن مقدم دائماً، وحقيقة لا أعلم من أين جاءنا! هل جاء من شظف معيشة الأوائل في الصحراء؟! هل جاء بسبب كثرة ما غدرت بسفننا البحار وتغير الأنواء؟! أو ربما بسبب مآسي كربلاء؟! لا أدري، ولكن ما أعرفه يقيناً أن ديننا قائم على حسن الظن، فحسن الظن بالله، عز وجلَّ، من أسس العقيدة، وفي الأحاديث الكثير من الخبر عن ضرورة أن تجعل لأخيك سبعين عذراً، فلماذا تتعارض قيمنا الدينية مع ممارساتنا التي تجعل التشاؤم وسوء الظن بالآخر هما الأصل؟! لا تسمع الجدة جرساً يقرع على الباب إلا وتقول: اللهم اجعله خيراً، تقولها بخوف! لم لا تفترضين، يا حبيبتي، أنه صحن لقيمات يريد الجار إهداءه لنا؟!

حين كنت أسأل البعض عن تجربتهم في تأثير قضية «الصحين» في علاقاتهم بالآخر، تبين أن هناك العديد من حالات الزعل بين الأفراد والأسر من مختلف شرائح المجتمع، بسبب هذه القصة السخيفة، لذا فاقتراحي للسادة الذين يدرّبون ويحثون على الطاقة الإيجابية والنظرة المتفائلة، وما إلى ذلك أن يبدؤوا بتوعية المجتمع بقضية أخلاقيات التعامل مع الوسائل التقنية الحديثة، بتقديم حسن الظن للحفاظ على ما تبقى من لحمة اجتماعية.

ألا يتحدث الكثيرون عن التصالح مع الذات، وأنه بداية الطريق لتصحيح كل شيء، حسناً سأتصالح مع ذاتي، يا أخي ما رديت عليك! كيفي! ربما كنت مشغولاً، ربما سأؤجل ردي لحين راحة نفسية، ربما يا سيدي أنا مازلت عذراء وعدم ردي يعني موافقتي الكاملة، لا داعي لأن ترفع أحد حاجبيك بهذه الطريقة السخيفة، ربما يا أخي لا أريد الرد عليك، لأنني في حالة مزاجية خاصة، ربما كنت متوضئاً!

ثقافة الأطفال لا أكلمه، لأنه لم يرد عليَّ، المنتشرة في المجتمع، والتي لا ينقصها سوى صورة الخنصر يرتبط بالخنصر الآخر، تحتاج إلى قليل من إعادة التفكير، وكثير من «تكبير العقل»! واسمع نصيحة خبير لا تغير وقت ظهورك، ولا تخفي شيئاً، وإذا لامك أحدهم لعدم ردك، كما يقال: اقطع عرق، وسيّح دم، وقل له: ألم تسمع بشريحة «الأصنام»، بارك الله فيك؟!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر