«حياتك غالية..!»
إعلان جميل.. يمثل عائلة سعيدة يحتضن فيه الوالدان أبناءهما بتلك الصورة المثالية الإعلانية.. وتحت العائلة الجميلة عبارة: «حياتك غالية لدينا»! بالطبع أول ما أفكر فيه عند رؤية هذه الإعلانات هو: لماذا تظهر العوائل النموذجية جميلة جداً في الإعلانات؟ الأب والأم.. ليس فيهم ولا غلطة ــ كما يقال ــ فلا كرش ظاهر، ولا تهدل في جسد الأم من الحمل والولادة والإرضاع، يبدون كأنهم خرجوا من المصنع للتو! حتى الأطفال بطريقة سحرية معينة تبدو ضروسهم كاملة كأنهم يتجهزون لإعلان معجون أسنان، رغم أنهم في تلك السن التي تبدو فيها أسنان الأطفال مثل شبابيك بناية آيلة للسقوط، لا تعرف أيها مفتوح وأيها مغلق! وعلى ذكر البنايات الآيلة للسقوط في ذلك البلد العربي.. من يهتم.. في النهاية كلهم براءة!
المهم أن المرور اليومي تحت ذلك الإعلان ورؤية عبارة «حياتك غالية عندنا» أصبحا من لوازم الحياة اليومية لدي، خصوصاً أنه على شارع الاتحاد وما بين ذلك الإعلان وبوابة «سالك» يمكنك معرفة الحالة النفسية والمزاجية التي أذهب بها إلى الدوام!
أشعر بأنهم ينوون قتلي ذات يوم! ولكن من يهتم.. في النهاية كلهم براءة!
حسناً أنت تفهم سبب هبوط معنوياتي عند مروري تحت «سالك».. لأنني كسول ولن أسدد المتأخرات لتتحول إلى غرامات لن أسددها لحين انتهاء تأمين السيارة.. كلنا ذلك الرجل.. ولكنك لاتزال تريد فهم لمَ أنا غاضب من إعلان «لأن حياتك غالية لدينا»، وصورة تلك العائلة المثالية! الأمر ببساطة لأن الإعلان عبارة عن دعاية لأحد البنوك الأجنبية الكبرى التي لها باع طويل في الحفاظ على حياتنا! بالطبع الإعلان مخصص لبيع بوليصة تأمين على الحياة..
حياتي غالية عندكم يا عيال الـ(...)! إذا كانت غالية لهذه الدرجة فأين كنتم حينما وصلت تصريحات المسؤولين لكم وتلميحاتهم التي وصلت إلى درجة التوجيه المباشر للتعامل مع إغراءاتكم وتمويهاتكم وطرق صيدكم للشباب وإغراقه بالديون؟! لمَ لم تكن حياتنا غالية عندكم وأنتم تلقون عشرات الشباب خلف القضبان أشهراً عدة بسبب عجزهم عن الوفاء بالتزامات قاموا بها وهم في الثامنة عشرة من العمر؟!
لماذا لم تكن حياتنا غالية لديكم وأنتم ترفعون القضايا على الأسر دون النظر إلى الطريقة التي تم التعامل بها من الدائنين في البداية، ما أدى إلى تمزق ومشكلات وتشكيل لجان في إمارات عدة لتسديد ديون البنوك؟!
لماذا لم تكن حياة الناس غالية لدى البنك العزيز وهو يتسبب في قفز أحد الشباب من شباك غرفته حتى سقط في حالة حرجة هرباً من المطالبات اليومية التي وصلت إلى عشرات الاتصالات اليومية.. وإرسال المندوبين إلى شقة كان يستأجرها كما ذكرت مواقع التواصل للتهرب من محاصرة البنك له؟
لا شك في أن من يأخذ قرضاً فعليه تحمل تبعاته؛ لكن أرجوكم لا تحدثوني عن «غلاة حياتي».. أنتم سبب تدمير جزء كبير من حيوات الشباب الذين أعرفهم.. ولكن من يهتم؟! فككل من دمر حياة شباب الأمة.. في النهاية أنتم.. براءة!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .