العشاء قبل الأخير..
ظل صدى صوتها يرن في مسامعه على طريقة المسلسلات المصرية عندما عاتبته حتى التوبيخ قائلة: «زوج (أحلام) مبارك الهاجري ضرب المصوّر الصحافي وكسر يده حرصاً على مشاعرها، وأنت بتبهدلني قدام (الكاشير) اللي بالسوبر ماركت على علبتين شامبو مع بلسم!». كانت عباراتها قصيرة لكنها مؤلمة مثل صليات الرصاص.. انزوى وحيداً، فكّر بعمق، حكّ رأسه ونظر من النافذة.. ثم بدّل ملابسه وغادر البيت بسرعة.. بعد ساعتين عاد، قرع الجرس ثم فتح الباب الخارجي، وأشار للعمّال بإدخال طقم الكنب الجديد، وترتيبه في صالة الضيوف.. ثم أمرهم بأخذ الطقم القديم ورميه في أقرب حاوية.. وبعد ذلك أدخل غرفة سفرة ضخمة من خشب الزان عليها نقوش فريدة ورائعة وسط دهشة زوجته مما يقوم به زوجها، الذي يتصرف ويغدق عليها بالمفاجآت دون أن يتكلم بحرف واحد.. وبعد أن أنهى العمال ترتيب غرفة الضيوف وغرفة السفرة طلب من زوجته أن تبدّل ملابسها ليخرجا سوياً.. قطعت المرأة صمتها وسألته: ماذا تفعل يا رجل؟ فردّ الرجل بكلمات مقتضبة: مبارك الهاجري.. مش أكرم منّي. وطلب منها تبديل ملابسها على الفور.. وبالفعل دقائق قليلة وكانت الزوجة جاهزة، نزلا سوياً بالمصعد، ركبا السيارة وانطلق بها إلى محل المجوهرات، وطلب منها أن تختار أغلى وأجمل عقد ألماس في المحل.. عادت الزوجة المسكينة للدهشة لتسأله أمام «الجواهرجي» وهي تمسك بذراعه: ماذا تفعل يا رجل؟ فردّ عليها بنفس الكلمات: مبارك الهاجري مش أكرم مني.. اختارت العقد والأقراط.. ثم أخذها بسيارته إلى السوبر ماركت الذي عاتبها فيه أمام «الكاشير» والزبائن على شراء «علبتي شامبو».. قال للموظف المسؤول: أين صاحب السوبر ماركت.. فأشار إلى المكتب فذهب إلى مالك المتجر وعرض عليه شراء المحل بخمسة أضعاف ما يستحق.. شهقت المرأة وقالت: هل جننت يا رجل؟ فردّ بنفس العبارة: مبارك الهاجري مش أكرم مني.. ثم اشترى البناية بأكملها وأهداها سند التسجيل أمام «الكاشير» الذي كان شاهداً على التوبيخ.. وبعد أن خرجا من السوبر ماركت والبناية التي أصبحت ملك «المدام».. توجها بعدها إلى أفخم مطعم في المدينة، طلب لها «ديك رومي» و«خروف محشي» في نفس الوقت.. شهقت الزوجة للمرة العاشرة.. ما هذا، ما هذا هل جننت يا رجل؟ فردّ عليها: مبارك الهاجري مش أكرم مني.. وأثناء تناوله قطعة من كتف الديك الرومي.. شعرت المدام بقطعة معدن في الشوكة.. لقد كان مفتاح سيارة الـ«ليكزس 2015»، كادت أن تفقد أعصابها.. ما هذا؟ قال لها زوجها وهو يضع الشوكة والسكينة جانباً: قلت لك مبارك الهاجري مش أكرم مني.. سبّلت عينيها وقالت: حبيبي كفى جلداً للذات.. أعرف أنك كريم جداً وقلبك طيب جداً جداً.. أرجوك.. يكفي لقد أغرقتني بكرمك.. خذ هذه من يدي.. تناول قطعة من صدر الديك الرومي.. غصّ باللقمة.. سعل سعلة قوية.. احمر وجهه.. ثم استيقظ مفزوعاً من النوم وهو يسعل.. نظر إلى زوجته، تأكّد أنها مازالت نائمة على نفس «الزعل».. تعوّذ من الشيطان على هذا الحلم اللئيم، «نفث على يساره ثلاثاً»، ثم عاد للنوم.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .