5 دقائق

رسول البشرية

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

لم تعرف البشرية رسالة إلهية عامة إلا رسالة سيدنا محمد بن عبدالله، صلوات الله وسلامه عليه، الذي قال الله تعالى عنه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} أي للناس كافة لتبشرهم بما عند الله من الفضل، وتنذرهم بما عنده من العقاب، فلم يكن أحد من الناس مستثنى من هذه الآية من لدن بعثته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقد أخبرنا الله عز وجل عن صفة هذه الرسالة بأنها الرحمة بالكون والكائنات، كما قال سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} وليس لعالم واحد بل كل العوالم، وهذا من باب قصر الموصوف على الصفة، أي ما أنت إلا رحمة للعالمين، ولست عذاباً عليهم، وهو ما كان يعبر عنه النبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: «إنما أنا رحمة مهداة»، ولا يجهل أحد من العقلاء معاني الرحمة التي كان عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الناس به من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام، ومن عبادة الأوثان إلى عبادة الملك الديان، ومن جور الطغيان إلى عدل الإسلام، فعادوا إلى الفطرة السوية، والملة الحنيفية التي بعث الله بها إبراهيم، عليه السلام، والأنبياء من قبله ومن بعده، ولولا هو، صلى الله عليه وسلم، لظلوا في ضلالهم المبين، كما هو الحال الآن في من تنكر لهذه الرحمة المهداة، فهو يعيش في تعاسة الدنيا، ليس له حظ منها إلا شهوتي البطن والفرج إن هو حصلهما، ومآله بعد ذلك إلى البوار، وبئس القرار.

النبي الذي ما كان يغضب إلا لله، لا لنفسه الشريفة، ذلكم هو نبي البشرية كلها، فعليها أن تقدره حق قدره، وتوقره حق توقيره.

إن على الأمة كلها أن تعرف أن محمداً رسول الله وخاتمَ النبيين هو أحق مَن يُجَلَّ، وأعظم مَن يعز، وأجل من يكرم من البشر؛ لأنه الدال على الله، والمبشر برضوان الله، والفاتح لخيرات الدنيا والآخرة، ما كان يوماً قط نقمة ولا عذاباً ولا مُصادراً للحقوق والحريات، بل جاء يبلِّغ عن الله مراده من خلقه، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها، جاء بكتاب من عند الله تعالى يهدي للتي هي أقوم، ليس له منه إلا التلقي والبلاغ، وما كان مسيطراً على أحد من البشر ليكرهه على الخير الذي جاء به، إن هو تأبَّاه، احتراماً لإرادته وتماشياً مع منهجية رحمته، وتسليماً لمشيئة الله في خلقه. النبي الذي ما كان يغضب إلا لله، لا لنفسه الشريفة، ذلكم هو نبي البشرية كلها، فعليها أن تقدره حق قدره، وتوقره حق توقيره، كما أراده الله من البشرية كلها، وفاء له صلى الله عليه وسلم على تحننه ورحمته ورأفته بالناس، وحرصه عليهم.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر