مزاح.. ورماح

«داعشوود»

أحمد حسن الزعبي

من يعتقد أن كل الحضارات والدول والديانات والشعوب باطلة ما لم تكن على مقاس الثوب واللحية بالملليمتر، ومن يعتقد أن كل سكّان الأرض مهما تباينت درجة اختلافهم مع رؤيته هم عبارة عن حشرات ضارة و«خشائش» يجب الخلاص منهم أو إبادتهم كيفما اتفق.. حتماً فإنه لن يرى الكرة الأرضية بما تحمله من حب وسلام وتسامح وتقدم سوى قنبلة ملقاة من الكون تجاهه..

فجع العالم كله من الطريقة الإجرامية الشيطانية التي أنتج بها فيديو إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة.. ولعل ثقل السؤال الذي مازال مطروحاً على طاولة الدهشة: كيف كرّست قوى الظلام كل إمكاناتها وتجلّياتها وخيالها المحلّق في الجحيم بإنتاج مادة إعلامية مدروسة تحرق قلوب سكان البسيطة كاملة، وتمتهن الإنسانية وتبعث برسالة برائحة الجلد المحترق أن هذا هو «ديننا»؟!

استناداً إلى رأي مخرجين سينمائيين مهمّين.. فإن «فيديو الإعدام» الذي بث نهاية الأسبوع الماضي والذي تصل مدته إلى 25 دقيقة، لم يكن من صنع هواة، ولا من تنفيذ طغاة.. الفيلم ــ برأي خبراء الإنتاج التلفزيوني ــ قد وضع له «ستوري بورد» دقيقة مرسومة بالخطوة وباللقطة، وسيناريو مدروس جيداً جداً من الجانب النفسي قبل دراسته من الجانب السينمائي، ما يعني أن من قام به خبير نفسي، ناهيك بأن من قام بالتنفيذ شخص يتمتع بخبرة واسعة في الإنتاج السينمائي أيضاً.. الكاميرات المستخدمة التي لا تقل عن خمس كاميرات كلها احترافية تتمتع بنقاء عالٍ «FULL HD» ومؤثرات صوتية و«قطعات» على العيون وعلى كومبارس الفيلم وعلى مشهد الدمار الخلفي، والاشتغال على عملية الاحتراق بين التسريع والتبطيء وما رافقها من مؤثرات بصرية يضع إشارة استفهام كبيرة جداً جداً.. من وراء هؤلاء وماذا يريدون؟!

المشتغلون بالإنتاج يقولون إنه لا يمكن إنتاج هذا الفيلم في يوم واحد، بل يحتاج إلى أسبوع على الأقل، من بينها التصوير الخارجي، ما يعني أن سيناريو الإعدام هذا قد وضع منذ لحظة الاعتقال.. وبما أن عملية الإعدام جرت في مكان مفتوح تنفّذه العشرات من عناصر التنظيم الأسود، ترافقها كاميرات ومصوّرون ومديرو إنتاج.. سؤالنا الكبير الآن: أين كانت الأقمار الاصطناعية الأميركية في ذلك الوقت؟ أين كانت طائرات الاستطلاع والأجهزة الاستخباراتية التي تعمل ليل نهار؟ هل يعقل أن تلتقط أقمار التجسس صورة لكل ما يزيد طوله على 20 سم على وجه الأرض حتى في الليل.. ولا تستطيع أن تلتقط صورة لمعسكر.. وأجهزة ومساحة مفتوحة ولهب يلسع كفّ السماء في وضح النهار؟!

صحيح أن هذا الفيلم من إنتاج «داعشوود».. لكنه من إخراج الشيطان.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر