سموّ الطيبة والتواضع..

لا يحب المديح، ويهتم بالملاحظات، ويقدّر النقد البنّاء، إنها صفات فطرية تخالف فطرة كثير من البشر، فهو يكره المدح فعلاً، مع أنه يستحق جميع كلمات وجُمل المدح والإطراء التي عرفتها اللغة العربية، وأُدرك أنني سأتعرض للّوم منه بسبب هذه الكلمات، لكن فليعذرني اليوم فقط، فما يقدمه سموّه من خير، وما ينشره من رحمة، وما يفعله في سبيل رسم البسمة على أفواه الصغار، والطمأنينة في قلوب الكبار شيء لابد من الوقوف عنده، والتحدث فيه، من باب إرجاع الفضل لأهله.

«شخصية فزاع واضحة، لا غموض فيها، فهو منبع للطاقة الإيجابية، محفّز على العمل والاجتهاد، يعرف كيف يكسب القلوب من دون أن يتعمّد أو يتصنّع فعل ذلك».

سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، سموّ الطيبة والتواضع، لا يمكن وصف هذه الطيبة التي يمتلكها قلبه، ولا يتخيّل عقل مدى وحدود تواضعه، لا تسمع منه سوى كلمة «تم»، مهما كان مطلبك، فقاموسه لا يتضمن كلمة «لا»، صدق أيّما صدق من أطلق عليه لقب «فزاع»، فهو عاشق للفزعة، ولا يتردد أبداً في مساعدة المحتاج، ولو استطاع لأعطاه «ثوبه»، كما قال في إحدى روائعه الشعرية، التي ترجمت صادق شعوره، ولم تكن فقط كلمات مصفوفة وموزونة، بل هي حقيقة ملموسة، ولم تكن يوماً «ضرورة شعرية».

سموّه هو الداعم الأول، للحالات التي يعرضها «الخط الساخن» في «الإمارات اليوم»، ولا يتردد أبداً في تقديم العون لكل محتاج عاجز عن الوصول إلى علاج لمرضه، ولا يهتم سموّه أبداً بكلفة العلاج أو مكان وجوده، المهم أن يلقى ذلك المحتاج ما يريد، هذا ما تكرر كثيراً، وهذه الفرحة التي لا يمكن وصفها وجدناها في أعين أهل الطفل محمد عامر، البالغ من العمر 11 عاماً، ويصارع متلازمة تُعرف باسم «فانكوني»، التي تسبب نقصاً شديداً في الدم، وفشلاً في النخاع العظمي، وتكفّل حمدان بن محمد بعلاجه في مستشفى سانت ماري في كوريا، بكلفة تصل إلى مليون و400 ألف درهم، بعد أن فقد ذووه الأمل لارتفاع كلفة العلاج.

شخصية فزاع واضحة، لا غموض فيها، فهو منبع للطاقة الإيجابية، محفّز على العمل والاجتهاد، يعرف كيف يكسب القلوب من دون أن يتعمّد أو يتصنّع فعل ذلك، من يُبحر بين أبيات شعره، يدرك أن خلف كل كلمة تقف تجربة وجهد وقراءة واجتهاد، والأهم من ذلك تجد الحكمة حاضرة بشكل مذهل، تدل على تمترس صاحبها خلف قناعات ومبادئ تصنع القيادة، وتصقل شخصية القائد.

لقد تجاوز سنين عمره بمراحل وسنين طويلة، اختصرها، وطوّعها لمصلحة مجتمعه ووطنه، وصدق حين قال:

يا بوي ابشر ترى شبلك توارت عن مداه أشبال..

                          وثب فوق الدروب وسابقت رجله خطاويها..

ورث عزمك وحزمك والخصال تجر طيب خصال..

                          مواثيقه على طرق المكارم بك يجديها..

شخصية وطنية، يعشق تراب الإمارات، وهي لها نصيب كبير من شعره ومن فكره، يؤمن بالوحدة، ويُرجع الفضل لأهله من خلال تخليد ذكرى الآباء المؤسسين للدولة، رحمهم الله، في جميع المناسبات الوطنية، فالإمارات غالية عليه بدرجة لا يمكن تخيّلها وهو القائل:

وأنا أمي إماراتي ولدت وعشت أنا فيها..

                        وأبوي أمجاد عرباني وطاري ماضي أجدادي.

وبما أنه قائد عروبي مسلم، ابن قائد عروبي مسلم، فهموم العرب والمسلمين هي همومه، ومأساة الأمة جزء من مأساته، وفي ذلك يقول:

واخواني أنا المليار مسلم في أراضيها..

                         وأنا القرآن والسنّة غدوا زادي وزوادي..

أعيش همومي وفرحي ولا نية أخفيها..

                        وأكبر همي المقدس وطفل جنبه ينادي..

يهز بصرخته أرضٍ نوى الصهيون يمحيها..

                       من التاريخ، والعالم وقف مكتوف الأيادي..

شعر حمدان بن محمد مرآة حقيقية لشخصيته، وفكره، وتوجهاته، ومن يتفكّر في كلماته يدرك أنه يقف أمام شخصية قيادية ملهمة، تمتلك قدرة عجيبة على الإقناع، وتستطيع صنع الحكمة في كلمات، وتبثّ الطاقة الإيجابية في كلمات أخرى، وفي بيت شعر واحد من شعره نجد صفات ومعاني وملاحم تفوق ما جاء في دواوين شعر كاملة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة