كل يوم

المشكلة الحقيقية في سوق الخضار!

سامي الريامي

كانت القمة الحكومية التي اختتمت أعمالها الأسبوع الماضي حافلة بالفعاليات والأحداث والمبادرات، وإضافة إلى هذه الفوائد وغيرها كثير، هناك زاوية أخرى تزيد القمة أهمية إضافية بالنسبة لنا نحن الصحافيين، فالمسؤولون الذين نبحث عنهم دائماً موجودون على مدار الأيام الثلاثة، جميعهم تحت سقف واحد، ما يفتح مجالاً أرحب للقائهم، ومناقشتهم، والحصول على معلومات إضافية حول كثير من القضايا.

«على (البلدية) أن تبدأ بمكافحة تجّار الباطن، وأن تضع معايير واضحة لتوزيع المحال، وأن تحقق في العشوائية السابقة التي نتج عنها توزيع (مزاجي) لمقدرات السوق».

مسؤول يشد من أزرك، وآخر يلومك، وثالث يشيح بوجهه بعيداً، غضباً من مقال أو كلمة أو خبر، ورابع يؤكد معلومة، ويضيف إليك معلومات غيرها، وفي نهاية الأمر جمع طيب، ولقاءات مثمرة، والمصلحة العامة فوق كل اعتبار، ومن يتجاوب ويتفاعل مع الإعلام من المسؤولين فهو يخدم المجتمع وأفراده، ومن «يشخصن» الأمور ويشيح بوجهه بعيداً، فليبق بعيداً.

من المسؤولين الذين أعتز بصداقتهم كثيراً المهندس حسين لوتاه، مدير عام بلدية دبي، لم تمنعني صداقته من انتقاد ظواهر سلبية في سوق الخضار الذي يتبع دائرته، ولم يحمل هو في نفسه كرهاً أو غيضاً من النقد، تناقشت معه حول موضوع سوق الخضار والفواكه، الذي أثارته «الإمارات اليوم» في وقت سابق، ولم أفاجأ أبداً عندما قال لي «ما نشرتموه من سلبيات في سوق الخضار أمر صحيح، ونحن حالياً ندرس إيجاد حلول للمشكلات التي طرحتموها، ونحن نشكركم على إثارة هذا الموضوع، وتسليط الضوء عليه»!

مقال اليوم ليس من أجل مدح حسين لوتاه، لكن من الواجب الإشادة بتصرفه وأسلوبه، ومع ذلك وددت أن أستغل الوضع أكثر، خصوصاً بعدما علمت أن البلدية تدرس مشكلات هذا السوق لحلها، ولعل من المناسب أن نؤكد أن مشكلة سوق الخضار الرئيسة ليست محصورة في المباني، وضيق السوق، بل هي مشكلة أشمل وأدق، تتمحور في «الأمن غذائي» الذي يسيطر عليه أجانب، وذلك بسبب تحول السوق إلى سوق عقاري، يدار من قبل عدد قليل جداً من «هوامير» التأجير، يقومون بتأجير المحال والبرادات والمواقف و«الرامبات» بمبالغ زهيدة جداً من البلدية، ويعيدون تأجيرها بالباطن بأسعار خيالية، تصل إلى عشرة أضعاف المبلغ الأصلي أحياناً، وللأسف الشديد هؤلاء «الهوامير» هم من غير المواطنين، أليس من الغريب أن يستمر وضع كهذا، خصوصاً أن السؤال المنطقي الغريب هو: لماذا يستغل قلة من الأجانب إمكانات وطنية، ويحصدون جراء ذلك ملايين الدراهم؟!

على البلدية أن تبدأ بمكافحة تجار الباطن، وأن تضع معايير واضحة لتوزيع المحال، وأن تحقق في العشوائية السابقة التي نتج عنها توزيع «مزاجي» لمقدرات السوق، دون الالتزام بالشروط التي يجب أن تتوافر في المستأجر. هذا التوزيع الغامض هو الذي تسبب في معظم مشكلات السوق الحالية، وللأسف فهو لايزال مستمراً، فالأسبوع الماضي وزعت محال تجارية في سوق الطيور الجديد، وبالآلية «المزاجية» نفسها، لذا فلن نستغرب أيضاً أن يتحول سوق الطيور الجديد إلى ملحق عقاري لسوق الخضار والفواكه، وأن تتكرر مشكلة سوق واحد لتصيب سوقاً آخر!

على البلدية أيضاً أن تشجع الشباب المواطنين الراغبين في دخول هذا القطاع الحيوي المهم. أدرك تماماً أنهم قليلون، لكن سبب ذلك يعود إلى وجود سيطرة غالبة من جنسيات معينة، مع غياب الدعم والتشجيع، فإذا وجد هؤلاء الشباب من يأخذ بأيديهم، فلاشك في أنهم سيدخلون بقوة، خصوصاً أن قطاع الخضار والفواكه هو أحد أهم الأنشطة الاقتصادية في الدولة، إضافة إلى حيويته، وكثرة الطلب اليومي عليه، ووجود مواطنين فيه هو مطلب استراتيجي وأمني، قبل أي شيء آخر.

أما بقية المشكلات فلاشك في أن البلدية قادرة على تجاوزها، وبكفاءة، فإنجاز توسعة أو حتى بناء سوق جديدة، ليس بأمر صعب، وكذلك إنشاء برادات أو صالات مكيفة لبيع المنتجات الغذائية المحلية، أو تكثيف التفتيش على الأغذية، منعاً للغش والتلاعب، كلها أمور تسهل السيطرة عليها، إن أحكمنا السيطرة على المشكلة الحقيقية المقلقة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر