«الإخوان والدواعش» وجهان لنفس العملة..
مخطئ من يعتقد أن هناك فرقاً بين الجماعات الإسلامية المتطرّفة، وتيار الإسلام السياسي، الفرق الوحيد بينهم يكمن في الشكل والزي، فـ«الإخوان المسلمون» لا يختلفون فكراً وفعلاً عن «داعش» و«النصرة»، وغيرهما من «الإرهابيين»، لكنهم يختلفون شكلاً لأنهم يرتدون البدلة وربطة العنق فقط لا غير!
هذا ما أدركته الإمارات في وقت مبكر، وتدركه الآن دول العالم، العربية والأجنبية تباعاً، وفرنسا هي أحدث الدول التي أيقنت بذلك، وغيّرت كثيراً من مواقفها، بعد أن عانت الإرهاب بشكل كبير، ما دفع رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، أن يقول في تصريحات له وبشكل علني يحدث للمرة الأولى: «ينبغي مكافحة خطاب (الإخوان المسلمين) في بلادنا»، وكذلك: «الجماعات السلفية في الأحياء الفقيرة». وأضاف: «ينبغي مكافحة خطاب (الإخوان المسلمين) والجماعات السلفية، من خلال القانون والشرطة وأجهزة الاستخبارات. ونقوم بالفعل بكثير من الأمور»!
«الإمارات كانت واضحة في مكافحة الفكر الإخواني في الدولة، لكن لا علاقة لها بما اكتشفته فرنسا من خطورة الفكر الإخواني، وما قامت به بريطانيا من تحقيقات لمعرفة مدى وجود (الإخوان) على أراضيها». |
الإرهاب صفة مشتركة بين جميع هؤلاء المتشدّدين والمتطرّفين فكرياًُ، فـ«الإخوان» هدفهم الوصول إلى السلطة، وبالسلطة يمارسون الإقصاء والتخريب، سعياً إلى الخلافة المزعومة التي أقرّها «داعش» وأقامها بالدم والقتل والحرق وإزهاق أرواح المسلمين وغير المسلمين، وكل ذلك باسم الدين الإسلامي ظاهرياً، أما باطناً فكلاهما عصابات تبحث عن المال والسلطة والنفوذ ومصالح شخصية لا أكثر!
الإمارات كانت هدفاً لجماعة «الإخوان»، خططوا ونفّذوا وحاولوا السيطرة عليها، بدعم مباشر من المنظمة العالمية لـ«الإخوان المسلمين»، وبتنفيذ من خلاياهم المزروعة داخل الدولة، كان جلّ همّهم السيطرة والقضاء على هذا النموذج الناجح المستقر الآمن، النموذج الذي ضرب للعالم أروع الأمثلة الحية للتعايش السلمي، والتوافق بين الأديان، واحترام الآخر، مهما كان جنسه أو لونه أو دينه.
ولاشك فإن ذلك يتعارض بقوة مع نموذجهم ومعتقداتهم، فهم لا يرون إلا نموذجهم الحزبي الضيق، ولا يريدون للناس إلا ما يرون من تخلّف ورجعية، لذا فمن الصعب جداً إقناع الناس بأفكارهم، في ظل وجود نموذج الإمارات، فالناس تعيش وترى نموذجاً أكثر فاعلية ونجاحاً، لذا كان التخطيط لهزّ استقرار الإمارات والعبث فيها، وهذا ما أدركته السلطات الإماراتية، ولذلك واجهتهم بحزم، وقضت على كل خططهم ومساعيهم، لذلك لا غرابة أبداً أن تصبح الإمارات اليوم واحدة من أعداء هذا الحزب البائد، يوجهون لها دائماً هجمات إعلامية قائمة على الكذب والتزوير وتضليل الرأي العام، فالإمارات كانت المطرقة التي هشّمت أفكارهم داخل رؤوسهم، ولن يضيرها كذبهم وافتراؤهم!
فرنسا أدركت أيضاً أن «الإخوان» والمتشدّدين وجهان لعملة واحدة، فلقد تسللوا إلى الأحياء الفقيرة لخداع البسطاء، وتسللوا عبر الإنترنت للسيطرة على عقول الشباب السطحيين، والنتيجة كانت تعبئة عدد منهم بتلك الأفكار ولإطلاقهم في المجتمع الفرنسي ليعيثوا قتلاً وإفساداً، ما حتم على المسؤولين الفرنسيين وضع النقاط على الحروف، والاعتراف صراحة بخطورة الفكر الإخواني المتطرف الذي يساوي ويوازي الفكر الداعشي المنحرف.
وبريطانيا أيضاً أدركت أن هناك خيوطاً مترابطة لا يمكن فصلها بين الإخوان والإرهاب، وبدأت تحقيقات موسعة في هذا الشأن، وأياً كانت نتائج تلك التحقيقات فهي دون شك ستضع النقاط أيضاً على حروف العلاقة بين البريطانيين وأصحاب الفكر الضال من الإخوان المسلمين، وسيدرك الإنجليز أن وجود هذه الأفكار في بلادهم «أمر مقلق ومشبوه»!
الإمارات كانت واضحة في مكافحة الفكر الإخواني في الدولة، لكن لا علاقة لها بما اكتشفته فرنسا من خطورة الفكر الإخواني، وما قامت به بريطانيا من تحقيقات لمعرفة مدى وجود «الإخوان» على أراضيها، لم تطلب من الإنجليز التحقيق في الأمر، فهو ناجم عن قناعات واستنتاجات بريطانية، ولا يعنيها نتيجة التقرير النهائي الذي ستصدره بريطانيا في هذا الشأن، ولم تدفع من جهتها بأي اتجاه، هو شأن بريطاني خالص، وهو إجراء داخلي لا دخل للإمارات به، بقدر ما هي مستمرة في مكافحة «الإخوان» وصدّهم عن المساس بأمن واستقرار الإمارات وأهلها، هذا خيار لا تراجع فيه.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .